103

Ictisam

الاعتصام للشاطبى موافق للمطبوع

Investigator

سليم بن عيد الهلالي

Publisher

دار ابن عفان

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤١٢هـ - ١٩٩٢م

Publisher Location

السعودية

عَصْرِهِمْ بَاسِمِ عَلَمٍ سِوَى الصُّحْبَةِ، إِذْ لَا فَضِيلَةَ فَوْقَهَا، ثُمَّ سُمِّيَ مَنْ يَلِيهِمُ التَّابِعِينَ، وَرَأَوْا هَذَا الِاسْمَ أَشْرَفَ الْأَسْمَاءِ، ثُمَّ قِيلَ لِمَنْ بَعْدَهُمْ أَتْبَاعُ التَّابِعِينَ، ثُمَّ اخْتَلَفَ النَّاسُ وَتَبَايَنَتِ الْمَرَاتِبُ، فَقِيلَ لِخَوَاصِّ النَّاسِ مِمَّنْ لَهُ شِدَّةُ عِنَايَةٍ مِنَ الدِّينِ: الزُّهَّادُ وَالْعُبَّادُ. قَالَ: ثُمَّ ظَهَرَتِ الْبِدَعُ، وَادَّعَى كُلُّ فَرِيقٍ أَنَّ فِيهِمْ زُهَّادًا وَعُبَّادًا، فَانْفَرَدَ خَوَاصُّ أَهْلِ السُّنَّةِ الْمُرَاعُونَ أَنْفُسَهُمْ مَعَ اللَّهِ الْحَافِظُونَ قُلُوبَهُمْ عَنِ الْغَفْلَةِ بِاسْمِ التَّصَوُّفِ. هَذَا مَعْنَى كَلَامِهِ، فَقَدْ عَدَّ هَذَا اللَّقَبَ مَخْصُوصًا بِاتِّبَاعِ السُّنَّةِ وَمُبَايَنَةِ الْبِدْعَةِ، وَفِي ذَلِكَ مَا يَدُلُّ عَلَى خِلَافِ مَا يَعْتَقِدُهُ الْجُهَّالُ وَمَنْ لَا عِبْرَةَ بِهِ مِنَ الْمُدَّعِينَ لِلْعِلْمِ. وَفِي غَرَضِي إِنْ فَسَحَ اللَّهُ فِي الْمُدَّةِ، وَأَعَانَنِي بِفَضْلِهِ، وَيَسَّرَ لِيَ الْأَسْبَابَ أَنْ أُلَخِّصَ فِي طَرِيقَةِ الْقَوْمِ أُنْمُوذَجًا يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى صِحَّتِهَا وَجَرَيَانِهَا عَلَى الطَّرِيقَةِ الْمُثْلَى، وَأَنَّهُ إِنَّمَا دَاخَلَتْهَا الْمَفَاسِدُ وَتَطَرَّقَتْ إِلَيْهَا الْبِدَعُ مِنْ جِهَةِ قَوْمٍ تَأَخَّرَتْ أَزْمَانُهُمْ عَنْ عَهْدِ ذَلِكَ السَّلَفِ الصَّالِحِ، وَادَّعَوُا الدُّخُولَ فِيهَا مِنْ غَيْرِ سُلُوكٍ شَرْعِيٍّ، وَلَا فَهْمٍ لِمَقَاصِدِ أَهْلِهَا، وَتَقَوَّلُوا عَلَيْهِمْ مَا لَمْ يَقُولُوا بِهِ، حَتَّى صَارَتْ فِي هَذَا الزَّمَانِ الْأَخِيرِ كَأَنَّهَا شَرِيعَةٌ أُخْرَى غَيْرَ مَا أَتَى بِهَا مُحَمَّدٌ ﷺ.

1 / 120