Al-Iʿtibār wa-salwat al-ʿārifīn
الإعتبار وسلوة العارفين
Genres
فالمرء يبسطها والدهر يقبضها .... والنفس تنشرها والموت يطويها * وساير أبو العتاهية يحيى بن خالد فانتهيا إلى مقبرة، فقال له يحيى: أنشدنا في هذا شيئا، فقال:
أما تعجبون لأهل القبور .... كأنهم لم يكونوا بشر
تؤمل في الأرض طول الخلود .... وعمرك يزداد فيه قصر
ومن كان بالدهر ذا غرة .... فعندي من الدهر كل الخبر
أيا من يؤمل طول الحياة .... وطول الحياة عليه ضرر
أما قد كبرت وبان الشباب .... فلا خير في العيش بعد الكبر
* للبحتري:
وما أهل المنازل غير ركب .... مناياهم رواح وابتكار
لنا في الدهر آمال طوال .... نرجيها وأعمار قصار
* أنشد عبد الرحمن بن مندويه:
ويمسي المرؤ ذا أجل قريب .... وفي الدنيا له أمل طويل
ويعجل بالرحيل وليس يدري .... إلى ماذا يقربه الرحيل
وكان عمر بن الخطاب، يقول: ما أعجب ما قسم هذا الشاعر.
* لأبي العتاهية:
والمرؤ ساع إلى ماليس يدركه .... والعيش شح واشفاق وتأميل
أرى علل الدنيا علي كثيرة .... وصاحبها حتى الممات عليل
وإني وإن أصبحت بالموت موقنا .... فلي أمل دون اليقين طويل
* الوليد بن مسلم قال: أمر الوليد بن عبدالملك ببناء مسجد دمشق، وكان سليمان أخوه القيم عليه، فوجدوا في حائط المسجد القبلي لوحا من حجر، فأتوا به الوليد، فبعث به إلى الروم فلم يستخرجوه، ثم بعث به إلى من كان بدمشق فلم يستخرجوه، فدل على وهب بن منبه فأعلمه ذلك فلما نظر إليه وهب قرأه، فإذا فيه: بسم الله الرحمن الرحيم. ابن آدم، لو رأيت يسير ما بقي من أجلك لزهدت في طول ما ترجو من أملك، وإنما تلقى ندمك لو قد زلت قدمك، وأسلمك أهلك وحشمك، وأنصرف عنك الحبيب، وودعك القريب، ثم تدعى فلا تجيب، فلا أنت إلى أهلك عائد، ولا في عملك زائد، فاعمل لنفسك قبل يوم القيامة، وقبل الحسرة والندامة، وقبل أن يحل بك أجلك، وينتزع ملك الموت روحك، فلا ينفعك مال جمعته، ولا ولد ولدته، ولا أخ اتخذته، ثم تصير إلى برزخ الثرى ومجاورة الموتى، فاغتنم الحياة قبل الممات، والصحة قبل السقم ، والقوة قبل الضعف، قبل أن تؤخذ بالكظم فيحال بينك وبين العمل.
* صالح المري: سمعت الحسن، يقول: ابن آدم، إنما أنت أيام كلما ذهب يوم ذهب بعضك.
Page 288