Ictibar Fi Nasikh Wa Mansukh
الاعتبار في الناسخ والمنسوخ من الآثار
Publisher
دائرة المعارف العثمانية - حيدر آباد
Edition Number
الثانية
Publication Year
١٣٥٩ هـ
Publisher Location
الدكن
Genres
Hadith
بَابُ: الْجَهْرِ وَتَرَكِهِ
قَرَأْتُ عَلَى أَبِي مُحَمَّدٍ عَبْدِ الْخَالِقِ بْنِ هِبَةِ اللَّهِ بْنِ الْقَاسِمِ، أَخْبَرَكَ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ، أَبُو الْغَنَائِمِ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ الْعَبْدِ، سُلَيْمَانُ بْنُ الْأَشْعَثِ، عَبَّادُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ عَنْ شَرِيكٍ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَجْهَرُ بِبِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ بِمَكَّةَ، قَالَ: وَكَانَ أَهْلُ مَكَّةَ يَدْعُونَ مُسَيْلِمَةَ الرَّحْمَنِ، فَقَالُوا: إِنَّ مُحَمَّدًا يَدْعُو إِلَى إِلَهِ الْيَمَامَةِ، فَأُمِرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَأَخْفَاهَا، فَمَا جَهَرَ بِهَا حَتَّى مَاتَ.
هَذَا مُرْسَلٌ، وَهُوَ غَرِيبٌ مِنْ حَدِيثِ شَرِيكٍ عَنْ سَالِمٍ.
وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي هَذَا الْبَابِ:
فَذَهَبَ جَمَاعَةٌ إِلَى الْجَهْرِ بِهَا، رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، وَعَنْ عَلِيٍّ، وَابْنِ عُمَرَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَعَطَاءٍ، وَطَاوُسٍ، وَمُجَاهِدٍ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَجَمَاعَةٍ سِوَاهُمْ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ.
وَخَالَفَهُمْ فِي ذَلِكَ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَقَالُوا: لَا يَجْهَرُ بِبِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، وَلَكِنْ يَقْرَؤُهَا الْإِمَامُ سِرًّا، رُوِيَ نَحْوُ هَذَا الْقَوْلِ عَنْ أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَعَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ، وَابْنِ الزُّبَيْرِ، وَالْحَكَمِ، وَحَمَّادٍ، وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَأَكْثَرُ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ.
وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَا يَقْرَأُ بِهَا سِرًّا وَلَا جَهْرًا، وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَعْبَدٍ الزِّمَّانِيُّ، إِلَّا أَنَّ مَالِكًا كَانَ يَقُولُ: إِذَا صَلَّى الرَّجُلُ فِي قِيَامِ شَهْرِ رَمَضَانَ اسْتَفْتَحَ السُّورَةَ بِـ " بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ "، وَلَا يَسْتَفْتِحُ بِهَا فِي أُمِّ الْقُرْآنِ.
ثُمَّ مَنْ يَذْهَبُ إِلَى الْإِسْرَارِ اخْتَلَفُوا فِي جِهَةِ الدِّلَالَةِ؛ فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: إِنَّمَا ذَهَبْنَا إِلَى الْإِخْفَاتِ لِلْأَحَادِيثِ الثَّابِتَةِ الْوَارِدَةِ فِي الْبَابِ؛ إِذْ أَكْثَرُهَا نُصُوصٌ لَا تَحْتَمِلُ التَّأْوِيلَ، وَلَيْسَ لَهَا مُعَارِضٌ، وَلَمْ يُقِرَّ هَؤُلَاءِ بِآخِرِ الْأَمْرَيْنِ، بَلْ قَالُوا: لَمْ يَزَلِ النَّبِيُّ ﷺ يُخْفِتُ مُذْ أُمِرَ بِالصَّلَاةِ إِلَى أَنْ قُبِضَ، وَمِنْهُمْ مَنْ أَقَرَّ بِأَنَّ لِهَذِهِ الْأَحَادِيثِ مُعَارِضًا غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ: أَحَادِيثُ الْإِسْرَارِ أَوْلَى بِالتَّقْدِيمِ
1 / 79