Al-Iʿtibār fī al-nāsikh waʾl-mansūkh min al-āthār
الاعتبار في الناسخ والمنسوخ من الآثار
Publisher
دائرة المعارف العثمانية - حيدر آباد
Edition Number
الثانية
Publication Year
١٣٥٩ هـ
Publisher Location
الدكن
Genres
Ḥadīth
لِأَتَوَضَّأَ، وَإِنَّمَا أَكَلْتُ طَعَامًا، وَلَوْ فَعَلْتُ ذَلِكَ فَعَلَ النَّاسُ ذَلِكَ مِنْ بَعْدِي.
هَذَا حَدِيثٌ يُرْوَى عَنْ سُوَيْدٍ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ، فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ فِيهِ: كَانَ يَتَوَضَّأُ قَبْلَ ذَلِكَ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: كَانَ تَوَضَّأَ قَبْلَ ذَلِكَ.
وَقَالَ عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ: لَمَّا رَأَيْنَا هَذِهِ الْأَحَادِيثَ قَدِ اخْتُلِفَ فِيهَا عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، وَاخْتَلَفَ مَنْ ذَكَرْنَاهُمْ فِي الْأَوَّلِ وَالْآخِرِ وَلَمْ نَقِفْ عَلَى النَّاسِخِ مِنْهُمَا، فَنَظَرْنَا إِلَى مَا اجْتَمَعَ عَلَيْهِ الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ وَالْأَعْلَامُ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ ﷺ فَأَخَذْنَا بِإِجْمَاعِهِمْ فِي الرُّخْصَةِ فِيهِ.
وَقَدْ ذَهَبَ بَعْضُ مَنْ رَامَ الْجَمْعَ بَيْنَ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ إِلَى أَنَّ الْأَمْرَ بِالْوُضُوءِ مِنْهُ مَحْمُولٌ عَلَى الْغَسْلِ لِلتَّنْظِيفِ كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ الشَّافِعِيُّ، وَرَجَّحَ أَخْبَارَ تَرْكِ الْوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ بِمَا رُوِيَ مِنِ اجْتِمَاعِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ وَأَعْلَامِ
الصَّحَابَةِ عَلَى تَرْكِ الْوُضُوءِ مِنْهُ، كَمَا قَالَ الدَّارِمِيُّ، غَيْرَ أَنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ يُطْلِقُونَ الْقَوْلَ بِأَنَّ الْوُضُوءَ مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ مَنْسُوخٌ، ثُمَّ اجْتِمَاعُ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ، وَإِجْمَاعُ أَئِمَّةِ الْأَمْصَارِ بَعْدَهُمْ، يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ النَّسْخِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
بَابُ تَجْدِيدِ الْوُضُوءِ لِكُلِّ صَلَاةٍ
أَخْبَرَنِي أَبُو مُوسَى الْحَافِظُ، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ الْفَضْلِ بْنِ أَحْمَدَ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَتْحِ مَنْصُورُ بْنُ الْحُسَيْنِ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَامَةَ الطَّحَاوِيُّ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، حَدَّثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا عَلْقَمَةُ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ: أَنَّهُ كَانَ يَتَوَضَّأُ لِكُلِّ صَلَاةٍ.
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الطَّحَاوِيُّ: فَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّ الْحَاضِرِينَ يَجِبُ عَلَيْهِمْ أَنْ يَتَوَضَّئُوا لِكُلِّ صَلَاةٍ، وَاحْتَجُّوا فِي ذَلِكَ بِهَذَا الْحَدِيثِ، وَخَالَفَهُمْ فِي ذَلِكَ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ فَقَالُوا: لَا يَجِبُ الْوُضُوءُ إِلَّا مِنْ حَدَثٍ، وَمَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ مَحْمُولٌ عَلَى الْتِمَاسِ الْفَضْلِ لَا عَلَى الْوُجُوبِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ هَذَا مِمَّا خُصَّ بِهِ ﷺ دُونَ أُمَّتِهِ.
فَإِنْ قِيلَ: وَهَلْ وَجَدْتُمْ فِي ذَلِكَ دَلِيلًا؟ قُلْنَا: نَعَمْ؛ أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَرَجِ عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَحْمَدَ الصُّوفِيُّ بِهَمَذَانَ، أَخْبَرَنَا الرَّئِيسُ عَبْدُوسُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ
1 / 52