218

Ictibar Fi Nasikh Wa Mansukh

الاعتبار في الناسخ والمنسوخ من الآثار

Publisher

دائرة المعارف العثمانية - حيدر آباد

Edition Number

الثانية

Publication Year

١٣٥٩ هـ

Publisher Location

الدكن

Genres

Ḥadīth
عَبْدِ اللَّهِ - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نِيَارٍ الْأَسْلَمِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهَا قَالَتْ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ قَبْلَ بَدْرٍ فَلَمَّا كَانَ بِحَرَّةِ الْوَبَرَةِ أَدْرَكَهُ رَجُلٌ قَدْ كَانَ مِنْهُ جُرْأَةً وَنَجْدَةً، فَفَرِحَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ حِينَ رَأَوْهُ، فَلَمَّا أَدْرَكَهُ، قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ: جِئْتُ لِأَتْبَعَكَ وَأُصِيبَ مَعَكَ. فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ؟ قَالَ: لَا. قَالَ: فَارْجِعْ فَلَنْ أَسْتَعِينَ بِمُشْرِكٍ. قَالَتْ: ثُمَّ مَضَى حَتَّى إِذَا كُنَّا بِالشَّجَرَةِ أَدْرَكَهُ الرَّجُلُ، فَقَالَ لَهُ كَمَا قَالَ أَوَّلَ مَرَّةٍ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ كَمَا قَالَ أَوَّلَ مَرَّةٍ: لَا، فَارْجِعْ فَلَنْ أَسْتَعِينَ بِمُشْرِكٍ. قَالَتْ: ثُمَّ رَجَعَ، فَأَدْرَكَهُ بِالْبَيْدَاءِ فَقَالَ لَهُ كَمَا قَالَ أَوَّلَ مَرَّةٍ: تُؤْمْنُ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ؟ قَالَ: نَعَمْ. فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: فَانْطَلِقْ.
هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ، وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي هَذَا الْبَابِ:
فَذَهَبَتْ جَمَاعَةٌ إِلَى مَنْعِ الِاسْتِعَانَةِ بِالْمُشْرِكِينَ مُطْلَقًا، وَتَمَسَّكُوا بِظَاهِرِ الْحَدِيثِ وَقَالُوا: هَذَا حَدِيثٌ ثَابِتٌ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ وَمَا يُعَارِضُهُ لَا يُوَازِيهِ فِي الصِّحَّةِ وَالثُّبُوتِ؛ فَتَعَذَّرَ ادِّعَاءُ النَّسْخِ لِهَذَا.
وَذَهَبَتْ طَائِفَةٌ إِلَى أَنَّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَأْذَنَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَغْزُوا مَعَهُ وَيَسْتَعِينَ بِهِمْ؛ وَلَكِنْ بِشَرْطَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ فِي الْمُسْلِمِينَ قِلَّةٌ وَتَدْعُو الْحَاجَةُ إِلَى ذَلِكَ.
وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونُوا مِمَّنْ يُوثَقُ بِهِمْ وَلَا يُخْشَى تَأَثُّرَهُمْ، فَمَتَى فُقِدَ هَذَانِ الشَّرْطَانِ لَمْ يَجُزْ لِلْإِمَامِ أَنْ يَسْتَعِينَ بِهِمْ.
قَالُوا: وَمَعَ وُجُودِ الشَّرْطَيْنِ يَجُوزُ الِاسْتِعَانَةِ بِهِمْ، وَتَمَسَّكُوا فِي ذَلِكَ بِمَا رَوَاهُ ابْنُ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ اسْتَعَانَ بِيَهُودِ بَنِي قَيْنُقَاعَ وَرَضَخَ لَهُمْ، وَاسْتَعَانَ بِصَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ فِي قِتَالِ هَوَازِنَ يَوْمَ حُنَيْنٍ، قَالُوا: وَتَعَيَّنَ الْمَصِيرُ إِلَى هَذَا؛ لِأَنَّ حَدِيثَ عَائِشَةَ كَانَ يَوْمَ بَدْرٍ، وَهُوَ مُتَقَدِّمٌ فَيَكُونُ مَنْسُوخًا.
أَخْبَرَنِي أَبُو مُسْلِمٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْجُنَيْدِ، أَخْبَرَنَا مَحْمُودُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ، أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ ابْنُ رَاهَوَيْهِ،

1 / 218