211

Al-Iʿtibār fī al-nāsikh waʾl-mansūkh min al-āthār

الاعتبار في الناسخ والمنسوخ من الآثار

Publisher

دائرة المعارف العثمانية - حيدر آباد

Edition Number

الثانية

Publication Year

١٣٥٩ هـ

Publisher Location

الدكن

Genres

Ḥadīth
الدَّقِيقِيُّ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَخْبَرَنَا ابْنُ عَوْنٍ قَالَ: كَتَبْتُ إِلَى نَافِعٍ أَسْأَلُهُ عَنِ الْقَوْمِ إِذَا غَزَوْا يَدْعُونَ الْعَدُوَّ قَبْلَ أَنْ يُقَاتَلُوا، فَكَتَبَ إِلَيَّ إِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ الدُّعَاءُ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ، وَقَدْ أَغَارَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَلَى بَنِي الْمُصْطَلِقِ وَهُمْ غَارُّونَ وَأَنْعَامُهُمْ تُسْقَى عَلَى الْمَاءِ فَقَتَلَ مُقَاتِلَتَهُمْ، وَسَبَا سَبْيَهُمْ، وَأَصَابَ يَوْمَئِذٍ جُوَيْرِيَّةَ بِنْتِ الْحَارِثِ.
وَحَدَّثَنِي بِهَذَا الْحَدِيثِ عَبْدُ اللَّهِ، وَكَانَ فِي ذَلِكَ الْجَيْشِ.
هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ ثَابِتٌ مُتَّفَقٌ عَلَى ثُبُوتِهِ وَإِخْرَاجِهِ، وَلَهُ طُرُقٌ فِي الصِّحَاحِ مِنْ حَدِيثِ نَافِعٍ وَغَيْرِهِ مِنْ أَصْحَابِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ.
أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْفَرَجِ، عَنِ الْمُؤْتَمَنِ السَّاجِيِّ، أَخْبَرَتْنَا فَاطِمَةُ بِنْتُ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ الدَّقَّاقُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الْحَسَنِ الْأَزْهَرِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَوَانَةَ الْإِسْفِرَائِينِيُّ، حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ بَكَّارٍ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ أَغَارَ عَلَى خَيْبَرَ يَوْمَ الْخَمِيسَ وَهُمْ غَارُّونَ، فَقَتَلَ الْمُقَاتِلَةَ، وَسَبَى الذُّرِّيَّةَ.
وَقَالَ بَعْضُ مَنْ رَامَ الْجَمْعَ بَيْنَ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ: إِنَّ الْأَحَادِيثَ الْأُوَلَ
مَحْمُولَةٌ عَلَى الْأَمْرِ بِدُعَاءِ مَنْ لَمْ تَبْلُغْهُمُ الدَّعْوَةُ، وَأَمَّا بَنُو الْمُصْطَلِقِ وَأَهْلُ خَيْبَرَ وَابْنُ أَبِي الْحَقِيقِ فَإِنَّ الدَّعْوَةَ كَانَتْ قَدْ بَلَغَتْهُمْ.
وَقَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ أَيْضًا: وَأَغَارَ الرَّسُولُ ﷺ عَلَى أَهْلِ خَيْبَرَ بِغَيْرِ دَعْوَةٍ، وَأَبَاحَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ تَبْيِيتَ الْمُشْرِكِينَ، وَأَمَرَ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ أَنْ يُغِيرَ عَلَى أُبْنَى، وَدَفَعَ الرَّايَةَ يَوْمَ خَيْبَرَ إِلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ لِيُقَاتِلَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَأْمُرَ أَحَدًا مِنْهُمْ أَنْ يُقَدِّمَ بَيْنَ يَدَيْهِ دُعَاءً لَهُمْ، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْمَأْمُورَ بِالدُّعَاءِ مَنْ قَاتَلَ مَنْ لَمْ تَبْلُغْهُمُ الدَّعْوَةُ، أَمَّا مَنْ بَلَغَتْهُ الدَّعْوَةُ فَإِنَّ قِتَالَهُمْ مُبَاحٌ مِنْ غَيْرِ دُعَاءٍ يُحْدِثُهُ لَهُمْ مَنْ أَرَادَ قِتَالَهُمْ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَالُوا أَيْضًا فِي حَدِيثِ أَنَسٍ كَانَ يَنْزِلُ قَرِيبًا مِنْهُمْ حَتَّى يُصْبِحَ، يَحْتَمِلُ أَنَّهُ كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ عِنْدَ كَثْرَةِ الْمُسْلِمِينَ وَقُوَّتِهِمْ، وَثِقَتِهِ بِظُفْرِهِمْ؛ لِئَلَّا يَجْنِي بَعْضُ الْمُسْلِمِينَ عَلَى بَعْضٍ فِي سَوَادِ اللَّيْلِ.

1 / 211