187

Al-Iʿtibār fī al-nāsikh waʾl-mansūkh min al-āthār

الاعتبار في الناسخ والمنسوخ من الآثار

Publisher

دائرة المعارف العثمانية - حيدر آباد

Edition

الثانية

Publication Year

١٣٥٩ هـ

Publisher Location

الدكن

Genres

Ḥadīth
وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَالثَّوْرِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَصْحَابُهُ، وَمَالِكٌ فِي إِحْدَى الرِّوَايَاتِ عَنْهُ، وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ مِنْ أَهْلِ الرَّأْيِ، وَاحْتَجُّوا فِي ذَلِكَ بِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: (وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ) قَالُوا: فَدَلَّ أَنَّ مُدَّةَ الْحَوْلَيْنِ إِذَا انْقَضَتْ فَقَدِ انْقَطَعَ حُكْمُهَا، وَلَا عِبْرَةَ بِمَا زَادَ بَعْدَ تَمَامِ الْمُدَّةِ.
وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ رِوَايَةٌ أُخْرَى: إِنْ زَادَ شَهْرٌ جَازَ.
وَرُوِيَ عَنْهُ أَيْضًا: إِنْ زَادَ شَهْرَانِ جَازَ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يَحْرُمُ الرَّضَاعُ فِي ثَلَاثِينَ شَهْرًا.
وَقَالَ زُفَرُ بْنُ الْهُذَيْلِ: ثَلَاثُ سِنِينَ.
وَمَذْهَبُ عَائِشَةَ أَنَّهُ يَحْرُمُ أَبَدًا، وَبِهِ قَالَ دَاوُدُ بْنُ عَلِيٍّ الظَّاهِرِيِّ.
وَخَالَفَهُمَا فِي هَذَا الْحُكْمِ كَافَّةُ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَأَمَّا حَدِيثُ عَائِشَةَ فَقَدْ حَمَلَ أَصْحَابُنَا الْأَمْرَ فِي ذَلِكَ عَلَى أَحَدِ وَجْهَيْنِ: إِمَّا عَلَى الْخُصُوصِ، وَإِمَّا عَلَى النَّسْخِ، وَلَمْ يَرَوُا الْعَمَلَ بِهِ، وَقَدِ اسْتَدَلَّ الشَّافِعِيُّ ﵁ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى أَنَّ الْعَدَدَ الَّذِي يَقَعُ بِهِ حُرْمَةُ الرَّضَاعِ هُوَ الْخَمْسُ، وَإِنْ لَمْ يَرَ الْعَمَلَ بِبَاقِي الْحَدِيثِ وَذَلِكَ سَائِغٌ.
قَالَ الْخَطَّابِيُّ: فَكَأَنَّهُ يَقُولُ: إِنَّ الْخَبَرَ يَتَضَمَّنُ أَمْرَيْنِ رَضَاعُ الْكَبِيرِ، وَتَعْلِيقُ الْحُكْمِ عَلَى الْخَمْسِ، فَإِذَا جَرَى النَّسْخُ فِي أَحَدِهِمَا لِمَعْنًى، لَمْ يُوجِبْ نَسْخُ الْآخَرِ مَعَ عَدَمِ ذَلِكَ الْمَعْنَى.
وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ حَدِيثَ عَائِشَةَ مَنْسُوخٌ؛ وَذَلِكَ أَنَّ قِصَّةَ سَالِمٍ كَانَتْ فِي أَوَائِلِ الْهِجْرَةِ؛ لِأَنَّهَا جَرَتْ عُقَيْبَ نُزُولِ الْآيَةِ، وَالْآيَةُ نَزَلَتْ فِي أَوَائِلِ الْهِجْرَةِ، وَالْحُكْمُ الثَّانِي رَوَاهُ أَحْدَاثُ الصَّحَابَةِ وَجَمَاعَةٌ تَأَخَّرَ إِسْلَامُهُمْ نَحْوُ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَغَيْرِهِمَا، وَهَذَا ظَاهِرٌ فِي النَّسْخِ لَا خَفَاءَ بِهِ.
ذِكْرُ أَحَادِيثَ تَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ دَعْوَى الْقَائِلِينَ بِالنَّسْخِ قَرَأْتُ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ ذَاكِرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الْمُسْتَمْلِيِّ، أَخْبَرَكَ الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ، أَخْبَرَكَ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْكَاتِبُ، أَخْبَرَكَ عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ بْنِ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ دُبَيْسٍ، وَغَيْرُهُمَا قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ بْنُ بُرْدٍ الْأَنْطَاكِيُّ، حَدَّثَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ جَمِيلٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: لَا رَضَاعَ إِلَّا مَا كَانَ فِي الْحَوْلَيْنِ. قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ:

1 / 187