16

Al-Iʿtibār fī al-nāsikh waʾl-mansūkh min al-āthār

الاعتبار في الناسخ والمنسوخ من الآثار

Publisher

دائرة المعارف العثمانية - حيدر آباد

Edition Number

الثانية

Publication Year

١٣٥٩ هـ

Publisher Location

الدكن

Genres

Ḥadīth
صَاحِبَ كِتَابٍ يَرْجِعُ إِلَيْهِ، وَالرَّاوِي الْآخَرُ حَافَظٌ غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ إِلَى كِتَابٍ، فَحَدِيثُ الْأَوَّلِ أَوْلَى أَنْ يَكُونَ مَحْفُوظًا؛ لِأَنَّ الْخَاطِرَ قَدْ يَخُونُ أَحْيَانًا. وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ: قَالَ لِي سَيِّدِي أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ - رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ -: " لَا تُحَدِّثَنَّ إِلَّا مِنْ كِتَابٍ ".
الْوَجْهُ الْخَامِسُ وَالْعِشْرُونَ: أَنْ يَكُونَ أَحَدُ الْحَدِيثَيْنِ مَنْسُوبًا إِلَى النَّبِيِّ ﷺ نَصًّا وَقَوْلًا، وَالْآخَرُ يُنْسَبُ إِلَيْهِ اسْتِدْلَالًا وَاجْتِهَادًا، فَيَكُونُ الْأَوَّلُ مُرَجَّحًا نَحْوَ مَا رَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ ﵄.
أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ نَهَى عَنْ بَيْعِ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ وَقَالَ: لَا يُبَعْنَ وَلَا يُوهَبْنَ وَيَسْتَمْتِعُ بِهَا سَيِّدُهَا مَا بَدَا لَهُ، فَإِذَا مَاتَ فَهِيَ حُرَّةٌ.
فَهَذَا أَوْلَى بِالْعَمَلِ مِنَ الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ: كُنَّا نَبِيعُ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ؛ لِأَنَّ حَدِيثَ ابْنِ عُمَرَ قَوْلُهُ ﷺ وَلَا خِلَافَ فِي كَوْنِهِ حُجَّةً، وَحَدِيثَ أَبِي سَعِيدٍ لَيْسَ فِيهِ تَنْصِيصٌ مِنْهُ ﵇، فَيَحْتَمِلُ أَنَّ مَنْ كَانَ يَرَى هَذَا لَمْ يَسْمَعْ مِنَ النَّبِيِّ ﷺ خِلَافَهُ، فَكَانَ ذَلِكَ اجْتِهَادًا مِنْهُ، وَكَانَ تَقْدِيمُ مَا نُسِبَ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ نَصًّا أَوْلَى. وَنَظِيرُهُ حَدِيثُ أَبِي رَافِعٍ فِي الْمُزَارَعَةِ: كُنَّا نُخَابِرُ، وَكُنَّا نَكْرِي الْأَرْضَ، وَلَمْ يَكُنْ فِعْلُهُمْ ذَلِكَ مُسْتَنِدًا إِلَى إِذْنِهِ، ﷺ.
الْوَجْهُ السَّادِسُ وَالْعِشْرُونَ: أَنْ يَكُونَ فِي أَحَدِ الْحَدِيثَيْنِ. قَوْلُ
النَّبِيِّ ﷺ يُقَارِبُ فِعْلَهُ، وَفِي الْآخَرِ مُجَرَّدُ قَوْلِهِ لَا غَيْرَ، فَيَكُونُ الْأَوَّلُ أَوْلَى بِالتَّرْجِيحِ، نَحْوَ مَا رَوَتْهُ حَبِيبَةُ بِنْتُ أَبِي تَجْرَاةَ قَالَتْ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ فِي بَطْنِ الْمَسِيلِ وَهُوَ يَسْعَى وَيَقُولُ: اسْعَوْا؛ فَإِنَّ اللَّهَ كَتَبَ عَلَيْكُمُ السَّعْيَ حَتَّى أَنْ مِيزَرَهُ لَيَدُورُ بِهِ مِنْ شِدَّةِ السَّعْيِ فَهَذَا الْحَدِيثُ أَدَلُّ عَلَى الْمَقْصُودِ مِنْ قَوْلِهِ ﵇: الْحَجُّ عَرَفَةُ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى أَنْوَاعٍ مِنَ التَّرْجِيحِ: الْأَوَّلُ قَوْلُهُ، وَالثَّانِي فِعْلُهُ، وَيَجِبُ فِيهِ الِاقْتِدَاءُ، وَالثَّالِثُ إِخْبَارُهُ عَنْ إِيجَابِ اللَّهِ تَعَالَى ذَلِكَ عَلَيْنَا، فَهُوَ أَوْلَى بِالتَّقْدِيمِ مِنْ مُجَرَّدِ الْقَوْلِ.
الْوَجْهُ السَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ: أَنْ يَكُونَ أَحَدُ الْحَدِيثَيْنِ مُوَافِقًا

1 / 16