Iʿrāb al-Qurʾān li-Ibn Saydah
إعراب القرآن لابن سيده
Genres
وأعرب هذه الجمل مبتدأ وخبر، وهي ذوات ابتدىء بها، والجار والمجرور أخبار عنها، ويمتنع أن يكون الباء ظرفية، فليس ذلك على حد قولهم: زيد بالبصرة، وإنما هي للسبب، ويتعلق بكون خاص لا بكون مطلق، وقام الجار مقام الكون الخاص لدلالة المعنى عليه، إذ الكون الخاص لا يجوز حذفه إلا في مثل هذا، إذ الدليل على حذفه قوي إذ تقدم القصاص في القتلى، فالتقدير: الحر مقتول بالحر، أي: بقتله الحر، فالباء للسبب على هذا التقدير، ولا يصح تقدير العامل كونا مطلقا، ولو قلت: الحر كائن بالحر، لم يكن كلاما إلا إن كان المبتدأ مضافا قد حذف وأقيم المضاف إليه مقامه، فيجوز، والتقدير: قتل الحر كائن بالحر، أي: بقتل الحر، ويجوز أن يكون الحر مرفوعا على إضمار فعل يفسره ما قبله، التقدير: يقتل الحر بقتله الحر، إذ في قوله: {القصاص في القتلى} دلالة على هذا الفعل.
{فمن عفى له من أخيه شىء فاتباع بالمعروف وأدآء إليه بإحسن} وارتفاع: من، على الابتداء وهي شرطية أو موصولة، والظاهر أن: من، هو القاتل والضمير في {له} و{من أخيه} عائد عليه، و{شيء}: هو المفعول الذي لم يسم فاعله، وهو معنى المصدر، وبني (عفا)، للمفعول، وإن كان لازما، لأن اللازم يتعدى إلى المصدر كقوله: {فإذا نفخ في الصور نفخة واحدة}(الحاقة: 13)}.
وعفا يتعدى بعن إلى الجاني وإلى الجناية، تقول: عفوت عن زيد، وعفوت عن ذنب زيد، فإذا عديت إليهما معا تعدت إلى الجاني باللام، وإلى الذنب بعن، تقول: عفوت لزيد عن ذنبه.
Page 370