[حديثٌ آخر]
٢٩٢ - حدثنا أبو القسم بإسناده: عن أبي هريرة أن رسول الله-ﷺ قال: "لَمَّا خلق الله تعالى آدم نَفَخ فيه الرِّوح عَطَس، فقال: الحمد لله، فحمد الله بإذن الله، فقال له ربه: يرحمك رَبُّكَ يا آدم، ثم قال: اذهبْ إلى أولئك الملائكة إلى ملأ منهم جُلُوسًا، فقُل: السَّلام عليكم، فقال: السَّلام عليكم، فقالوا: السَّلام عليك ورحمة الله، ثم رَجَع إلى ربَّه فقال: هذه تحيتك وتحية ذريتك بينهم، ثم قال له ويَدَاه مَقْبوضَتان: يا آدم اخْتَر أَيُّهما شئت قال: اخْتَرتُ يمينَ رَبيِّ، وكلْتا يَديَه يمينٌ مُباركة" (^١).
أمَّا قوله: "نفخ فيه الروح" فقد أطلق ذكر الرُّوح ها هنا، وقد أضافها إلى نفسه في القرآن فقال: ﴿فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ﴾ [الحجر: ٢٩]. فمعنى إضافته إليه من طريق المُلْك والفِعل، وأضافه (^٢) إلى نفسه لتشريف شأنه، والرفعة من حاله، كما خَصَّ بعض البيوت بالإضافة إلى نفسه.
٢٩٣ - وقد نصَّ أحمد على معنى هذا فيما خرَّجه في "الرد على الزنادقة والجهمية" فقال: وأما قوله جل ثناؤه ﴿وَرُوحٌ مِنْهُ﴾ [النساء: ١٧١] يقول: مِنْ أمره (^٣)، كما قال: ﴿وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ﴾ [الجاثية: ١٣]. أي: من أمره، وتفسير روح الله إنما معناها أنها روحٌ (^٤)
(^١) حديث صحيح، تقدم تخرجه ص (١٧٤).
ونضيف إلى مصادر تخريجه: "السنة" لابن أبي عاصم (٢٠٦، ٥٩٦) وابن سعد (١/ ٢٦ - ٢٨) وابن حبان (٢٠٨٢ - زوائد) والحاكم (١/ ٦٤) (٢/ ٣٢٥) من طرق عن أبي هريرة ﵁.
(^٢) في الأصل: أضافة.
(^٣) في المطبوعة من "الرد على الزنادقة": من أمره كان الروح فيه.
(^٤) في المطبوعة: أنها روح بكلمةٍ من الله خلقها الله.