Ibtāl al-taʾwīlāt - ṭabʿ Ghirās
إبطال التأويلات - ط غراس
Editor
أبي عبد الله محمد بن حمد الحمود النجدي
Publisher
غراس للنشر والتوزيع
Edition
الأولى
Publication Year
١٤٣٤ هـ - ٢٠١٣ م
Publisher Location
الكويت
Genres
البدر، ولا يتخالجكم فيه رَيْبٌ وظن، كذلك ترون الله ﷿ يوم القيامة معاينة يحصل معها اليقين.
وأما قوله: "لا تَضَامُّون في رُؤيته" (^١) بالتشديد فقيل معناه: لا يَنْضم بعضكم إلى بعض، كما تَنْضَمُّون في رؤية الهلال رأس الشهر، بل تَرونه جهرةً من غير تكلفٍ لطلب رؤيته، كما ترون البدر -وهو القمر ليلة الرابع عشر- إذا عَايَنه المُعاين جهرةً لم يحتج إلى تكلف في طلب رؤيته.
وأما قوله: "لا تَضَامُون" مُخَفَّف فالمراد به الضَّيم، أي: لا يلحقكم فيه ضيم، والضيم والضرَّر واحد في المعنى. وأما قوله: "لا تضارُّون" أي لا يلحقكم ضَرَرٌ في رؤيته بتكلُّف طلبها كما يلحق المشقَّة والتَّعب في طلب ما يخفى ويدق ويغمض (^٢).
وكل ذلك تحقيق لرؤية المُعانية، وأنها صِفَة تزيد على العلم.
فإنْ قيل: معناه رؤية العلم، وأنَّ المؤمنين يعرفون الله يوم القيامة ضرورة.
قيل: هذا غلط، من قِبَلِ أنَّ الرؤية إذا كانت بمعنى: العلم، تَعَدَّت إلى مفعولين، وذلك كما يقول القائل: رأيتُ زيدًا فقيهًا، أي علمته كذلك، فأمَّا إذا قال: رأيتُ زيدًا مطلقًا، فلا يُفهم منه إلا رؤية البصر، وقد حَقَّق ذلك بما أكَّده من تشبيه برؤية القمر ليلة البدر، وذلك رُؤية البصر لا رؤية علم.
(^١) انظر النهاية في "غريب الحديث والأثر" (٣/ ١٠١) لابن الأثير، وقال: ويجوز ضمُّ التاء وفتحها على تُفَاعِلون وتَتَفاعلون، وقال: الضَّيم: الظُّلم.
(^٢) في النهاية (٣/ ٨٣) قال: يُروى بالتشديد والتخفيف، فالتشديد بمعنى: لا تتخالفون ولا تتجادلون في صحة النظر إليه، لوضوحه وظُهوره.
ونقل عن الجوهري قوله: يقال أَضَرني فلان: إذا دنا مني دُنُوًّا شديدًا.
ثم قال: فأراد بالمضارَّة: الاجتماع والازدحام عند النظر إليه.
وأما بالتخفيف فهو من الضير لُغة في الضُّر، والمعنى فيه كالأول.
وقال الجوهري في الصحاح (٢/ ٧٢١): وبعضهم يقول: لا تَضَارُّون بفتح التاء أي: لا تَضَامُّون.
1 / 335