56

Ibrahim Abu Anbiya

إبراهيم أبو الأنبياء

Genres

وفي رواية سفر التكوين أن سدوم وعمورة دمرتا في حياة إبراهيم، ومن كشوف جلويك يظهر أن المدن التي على هذا الطريق ظلت مقفرة إلى القرن الثالث عشر قبل الميلاد، ولكنها في القرن العشرين ق.م كانت محجة دينية حافلة بجوار المكان الذي يعرف الآن باسم باب الدرعة. فمن المعقول إذن أن يكون مولد إبراهيم حوالي الزمن الذي قدره الأسقف يوشر، وأن سدوم وعمورة خربتا حوالي سنة 1898 قبل الميلاد.

وتقول الموسوعة: إن اسم إمرافل - أحد الملوك الذين حاربهم إبراهيم - يصعب تعيين صاحبه، كما يصعب تعيين زملائه الآخرين، ولكن هذه الأسماء جميعا لا يبدو عليها أنها اختراع من مخترعات الخيال ؛ إذ ليست غارة الأمراء البابليين على فلسطين وما جاورها أمرا نادرا في تلك الأيام. •••

ونكتفي بما تقدم من هذه المراجع التاريخية التي ألحقناها بالمصادر المسيحية، وقد ألحقناها بها لأن كتابها في جملتهم يدونون التاريخ من الجانب الذي به علاقة بكتب العهد القديم والعهد الجديد، وتغلب عليهم رغبة في تدوينه على النحو الذي يصحح أخبارها، وينقض مآخذ الناقدين عليها، فهو باب في التاريخ غير الباب الذي سنفرده لأقوال المؤرخين للحوادث من الوجهة العامة.

وليس أهم من تمحيص هذه الأقوال لمن يريد أن يحقق سيرة الخليل عليه السلام؛ إذ هي ألزم ما يلزم لمعرفة العقائد والشعوب في عصره، ومن هنا تنجلي حقيقة الرسالة وبواعثها، ومبلغ الخلاف والوفاق بينها وبين ما حولها، وكل شيء يتوقف على تقدير أحوال الزمن بعد تعيينه، وتقدير أحوال الشعوب في ذلك الزمن بعد التثبت من مواقعها وعلاقاتها.

وفيما أسلفناه بصيص من النور نرجو أن نضيف إليه بصيصا آخر يفيض على جوانب السيرة جميعا، بعد الفراغ من تلخيص هذه الشواهد والمصادر.

الفصل الخامس

المراجع الإسلامية

وتأتي مصادر الإسلام في ختام مصادر الأديان الكتابية، وسنرى أنه ما من شيء كالمصادر الإسلامية يثبت قيام دعوة إبراهيم، بل يثبت وجود إبراهيم الذي شك فيه أصحاب بدعة الشك في كل خبر قديم من غير سند يستندون إليه، ولا نعني هنا أدلة تاريخية تستمد من روايات الأخبار، وإنما نعني دليل التسلسل المنطقي الذي يصدق حين تكذب التواريخ، كما سيأتي بيان ذلك في موضعه. ونكتفي هنا بإيراد أخبار الخليل في المصادر الإسلامية؛ وهي: القرآن الكريم، والحديث النبوي، والتفسير وما يلحق به على سبيل التفصيل أو الاستطراد.

وردت أخبار الخليل في سور كثيرة بعضها أقرب إلى الإسهاب، وبعضها يميل إلى الإيجاز، وهذه هي الآيات التي جمعت سيرته في بيان مفصل.

فمن سورة مريم: (41-48):

Unknown page