59

صلى الله عليه وسلم ، من غير تحريف ولا تعطيل، ولا تكييف ولا تمثيل، بل نؤمن بأن الله سبحانه

ليس كمثله شيء وهو السميع البصير ، فلا ينفون عنه ما وصف به نفسه، ولا يحرفون الكلم عن مواضعه، ولا يلحدون في أسماء الله وآياته، ولا يكيفون ولا يمثلون صفاته بصفات خلقه.

لأنه سبحانه لا سمي له، ولا كفو له، ولا ند له، ولا يقاس بخلقه، سبحانه وتعالى؛ فإنه أعلم بنفسه وبغيره، وأصدق قيلا وأحسن حديثا من خلقه. ثم رسله صادقون مصدقون، بخلاف الذين يقولون عنه ما لا يعلمون.»

5 (3)

على أن الخصومة تجددت ثانيا في السنة نفسها؛ أي سنة 705، وإن اختلف الخصوم هذه المرة، فقد كانوا هم رجال الطائفة الأحمدية من أهل الطرق الذين يموهون على الناس بما يزعمون كرامات لهم، ومن هذه الكرامات أنهم يدخلون النار ولا تمسهم بأذى.

وكان الفارس المتهم المشكو منه هو هو نفسه ابن تيمية الذي لا تفوت عليه هذه الحيل، والذي لا يجامل ولا يداهن، بل يقف دون البدع والدجالين صريحا شجاعا لا يخاف في قول الحق لومة لائم.

ففي جمادى الأولى من هذا العام حضر جماعة من هذه الطائفة إلى نائب السلطنة، وحضر الشيخ ابن تيمية، فسأل الأولون من نائب السلطنة بحضرة الأمراء - كما يقول ابن كثير

6 - أن يكف الشيخ عنهم وأن يتركهم وحالهم، فقال الشيخ: هذا ما لا يمكن، ولا بد لكل أحد أن يدخل تحت الكتاب والسنة قولا وفعلا، ومن خرج عنهما وجب الإنكار عليه. ومن أراد منهم أن يدخل النار منهم فليدخل أولا الحمام ويغسل جسده جيدا، ثم يدخل إلى النار بعد ذلك إن كان صادقا.

ولو فرض أن أحدا من أهل البدع دخل النار بعد أن يغتسل، فإن ذلك لا يدل على صلاحه ولا على كرامته، بل حاله من أحوال الدجاجلة المخالفة للشريعة إذا كان صاحبها على السنة، فما الظن بخلاف ذلك!

وهنا ابتدر شيخ منهم وقال: نحن أحوالنا إنما تنفق عند التتار وليست تنفق عند الشرع، فضبط الحاضرون عليه تلك الكلمة، وكثر الإنكار عليهم من كل أحد.

Unknown page