الله نور السماوات والأرض مثل نوره كمشكاة فيها مصباح المصباح في زجاجة الزجاجة كأنها كوكب دري يوقد من شجرة مباركة زيتونة لا شرقية ولا غربية يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار (24: 35). ولا يرى المفسرون غير تشبيهات في هذه الصور الغريبة،
5
ونحن نتساءل عن كون هذه التعبيرات صادرة عن بعض العوامل الأدرية.
وقدم الله مما وكده القرآن، وذلك من غير إصرار خاص. وفضلا عن ذلك، فإن هذا المبدأ لم يحلل، ولم يعن محمد بالبحث عما يمكن أن يكونه وجود الله خارج العالم وخارج الزمان.
ولم يحدد مبدأ الخلق تماما. ونص القرآن - كنص التوراة - لم يناقض وجود خواء يطبق الخلق عليه ويكون أصله غير محدود، ولم يرض محمد عن فكرة لا نهائية الزمان، ونكاد نحار من إبهام كلامه حول أبدية الثواب والعقاب:
فأما الذين شقوا ففي النار لهم فيها زفير وشهيق * خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض إلا ما شاء ربك إن ربك فعال لما يريد * وأما الذين سعدوا ففي الجنة خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض إلا ما شاء ربك عطاء غير مجذوذ (11: 108-110). وقد عينت فكرة الأبدية بعد زمن من قبل علماء الكلام بتأثير الفلسفة، وأنت ترى نقص معالجة محمد لها، ولما تزل تربيته حول هذه النقطة غير تورائية.
وعدم تغير الله ملازم لعلمه وقدمه، بيد أن محمدا يتمثل الله غير متغير، مثل مدبر للعالم على الخصوص:
سنة الله التي قد خلت من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلا (48: 23). والمقصود هنا هو عدم التغير التاريخي والأدبي. ولم يبال النبي بعدم التغير اللاهوتي، وهو لم يفكر قط في كيفية إمكان الله أن يكون فعالا مع بقائه غير متغير.
وبما أن محمدا كان يتمثل الله على وجه أقل لاهوتية من تمثله إياه أدبيا، فإنه كان يكترث لصلاته بالإنسان، وقد عبر بجلاء عن مبدأ العناية الإلهية، فوضع معضلة القدر الهائلة غير خالية من الجفاء.
ويشمل علم الله وحكمته وقدرته المستقبل. وتهدف أعمال الله إلى غاية؛ فلمجموع الخلق غرض عرض - فقط - بالكلمة القائلة:
Unknown page