91

Ibn Ḥazm ḥayātuh wa-ʿaṣruhu ārāʾuhu wa-fiqhuhu

ابن حزم حياته و عصره آراؤه وفقهه

Publisher

دار الفكر العربي

Publisher Location

القاهرة

أحياناً، وفي القلوب غل وحقد؛ لا يختفي حتى يظهر في إحن شديدة ظاهرة بينهم. ومحن لدولة الإسلام التي ابتليت بهم.

١٠٩ - وفي وسط ذلك المعترك الشديد والمضطرب الثائر ظهر صقر قريش عبد الرحمن الداخل، فاستولى على الأندلس، وضبط الأمور، وجمعها تحت سلطان واحد وعلى كلمة واحدة، واقترنت الحضارة الأندلسية بالدولة المروانية بهذا الوادي الخصيب، حتى لقد ذكر ابن حزم أن دولة بني أمية بالأندلس كانت أنبل دول الإسلام، وأنكاها في العدو، وقد بلغت من العز والنصر مالا زيادة عليه (١).

اتسع الفتح في عهد الدولة المروانية الناشئة، ووقف للأعداء ولم يكونوا قد أفاقوا بعد من هول الضربة الأولى التي أصابتهم بالفتح العربي، ولذلك لم يستطيعوا أن ينالوا منالا من المسلمين وهم مختلفون، قبل أن يبسط الحكم الأموي على الأندلس، فلما جاءت الوحدة بعد الفرقة ازدادت كلمة الإسلام استمكاناً في تلك الأرض الأوروبية وقد تولت سد الثغور وإزعاج الفرنجة بالغزوات تتلوها الغزوات حتى جاءت ملوك أوروبا إليها تطلب السلام، فكانت وفود أولئك تجيء إلى قصبة الدولة قرطبة التي اتسع فيها العمران حتى لقد كان الماء فيها يجري من أعالي الجبال في قنوات ضيقة، حتى يصل إلى القصور (٢).

١١٠ - ولم يكن كل ملوك الأمويين على ذلك النحو، بل كان في بعضهم ضعف قد يثير الفتن، فيضعف المسلمون بسببه أمام أعدائهم، كما حدث في عهد الحكم بن عبد الرحمن (٣).

ولكن العز للإسلام كان الغالب في عهدهم ولم يكونوا خلفاء بل كانوا ملوكاً ولم يدعوا الخلافة، حتى إذا كان عهد عبد الرحمن الناصر في مطلع المائة الرابعة وكان خلفاء العباسيين قد ضعف شأنهم، واستبد بأمرهم الوزراء

(١) نفح الطيب = ٣ ص ٧١ طبع الرفاعي.

(٢) الكتاب المذكور ص ١٢٥.

(٣) ص ١٢٤.

91