3

Ibn Ḥazm ḥayātuh wa-ʿaṣruhu ārāʾuhu wa-fiqhuhu

ابن حزم حياته و عصره آراؤه وفقهه

Publisher

دار الفكر العربي

Publisher Location

القاهرة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد المبعوث رحمة للناس أجمعين، والهادي إلى الصراط المستقيم، قد نزل عليه القرآن الكريم بأكمل شريعة، وأهدى طريقة، نزل به الروح الأمين، وبينه الرسول الحكيم، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.

أما بعد : فقد وفقني المولى العليم الحكيم، فكتبت في الأئمة الأربعة المجمع على إمامتهم، والمتبعة طريقتهم في الاجتهاد والاستنباط، والمقتدى بهم من لم يبلغ شأو المجتهد، ولا غاية المقتصد، فرضي بالاتباع مع معرفة الدليل، أو التقليد من غير دليل.

ثم وفقني الله من بعد، فكتبت في إمام بلغ رتبة الاجتهاد، فاجتهد وتخبر، وعاد بالفقه غض الإهاب رحب الجناب، كما كان في عهده الأول، ولكنه في جملة ما اجتهد وبحث واستنبط لم يخرج عما وصل إليه الأئمة الأربعة إلا في القليل من مسائل الفقه، ولم يصل ما انفرد به إلى حد الكثير، وبعض هذا الذي انفرد به عن الأئمة الأربعة له أصل عند غيرهم كالإمامية، ذلكم هو الإمام تقي الدين بن تيمية.

وكان حقاً علي إذا لاحظت سبق الزمان أن أسبقه بابن حزم، فهو يسبقه بثلاثة قرون إلا قليلا، ولكنا أخرنا القول فيه، لا لتأخير رتبته، وإنما أخرناه لأنه نوع آخر من الفقه، ليس من نوع ما جاء به الأربعة، وإن كان الأصل واحداً، فليس من لونه، وإن اتحد المعدن. وكلهم ملتمسين من كتاب الله وسنة رسوله، وكلهم وارد وزدهم الصافي الذي فيه الشفاء والرحمة للمؤمنين.

إن ابن حزم فقيه ظاهري، أحيا فقه داود الأصبهاني، وسلك به مسلكاً اتسم بسمته فوسع رحابه وأيد فروعه بالأدلة، وناقض مخالفیه في

3