60

Ibn Ḥazm ḥayātuh wa-ʿaṣruhu ārāʾuhu wa-fiqhuhu

ابن حزم حياته و عصره آراؤه وفقهه

Publisher

دار الفكر العربي

Publisher Location

القاهرة

على صريحهما ، هو في ذلك يبين للناس أنه لا يقصد في علم العقائد إلا ما كان ضاحياً بيناً ولا يقصد إلى المناهج المعقدة المتأثرة بمناهج اليونان ، أو هي في ذاتها اقتباس منها .

ثم هو يناقش الفلاسفة ، ويسبق الغزالي إلى مناقشتهم وإدحاض حججهم، ويبين بطلان اعتقاداتهم بأدلة منطقية من جنس أدلتهم .

وهكذا لا تجد باباً من أبواب العلم الإسلامي إلا خاض فيه ابن حزم خوض العارف بمراميه ، المدرك بمغازيه ، فيقبل الحق الذي يعتقده حقاً ، ويرد في عنف ما يراه باطلاً، ويرد المسببات إلى أسبابها، والنتائج إلى مقدماتها ، والأقوال إلى غايتها في قلم مبين مصور ، وعبارة صريحة واضحة نيرة ،،

٧٠ - ولم ينكر على ابن حزم تلك المنزلة من العلم أحد من معاصريه سواء أكانوا مخالفين له أم كانوا مناوئين ، ولقد قال في ذلك ابن حيان معاصره ، وليس ممن ينظرون إليه نظرة عاطفة :

(( لم يكن بالسليم من اضطراب رأيه. ومغيب شاهد علمه عند بقائه إلى أن يحرك بالسؤال فيتفجر منه بحر لا تكدره الدلاء)).

ويقول في ذلك أيضاً (١) :

(( ولهذا الشيخ أبي محمد مع يهود لعنهم الله ومع غيرهم من أولى المذاهب المرفوضة من أهل الإسلام مجالس محفوظة ، وأخبار مكتوبة ، وله مصنفات في ذلك معروفة من أشهرها في علم الجدل كتابه المسمى كتاب الفصل بين أهل الآراء والنحل ، وكتاب الصادع والرادع على من كفر أهل التأويل من فرق المسلمين، وكتاب الرد على من قال بالتقليد ... إلخ كتبه))(٢).

ولقد جاء في نفح الطيب : ((قال صاعد في تاريخه: كان ابن حزم أجمع أهل الأندلس قاطبة لعلوم الإسلام ، وأوسعهم معرفة ، مع توسعه في علم

(١) معجم الأدباء جـ ١٢ ص ٢٤٩.

(٢) معجم الأدباء جـ ١٢ ص ٢٥٦

60