Ibn Hanbal: His Life and Era – His Opinions and Jurisprudence
ابن حنبل حياته وعصره – آراؤه وفقهه
فكأنه استمر يطلب حديث البغداديين نحو سبع سنين أو أكثر، لم يرحل فيها رحلة علمية، وإن كان قد سافر فسفر غير بعيد، ولغرض قريب.
٢٢ - لقد قصر أحمد نفسه في هذه السنوات السبع على حديث علماء بغداد وما يحفظون من فتاوى مأثورة، وأقضية للصحابة والتابعين في أبواب الفقه المختلفة. وإنه من المقرر أن الناشىء لا يبتدىء العلم يلقف من هنا وهنالك، بل هو يلزم عالمًا من العلماء زمنًا طويلًا أو قصيرًا، حتى يتخرج عليه، حتى إذا شدا وترعرع التقط من الثمرات كل ما يصل إلى يده، وكذلك كان أحمد رضي الله عنه، فقد اتجه إلى طلب الحديث، وفقه الآثار، منذ بلغ السادسة عشرة سنة ١٧٩، ولكنه لم يترك نفسه للمنازع العلمية المختلفة من غير هاد يهتدي به، بل لزم إمامًا من أئمة الحديث وعلم الآثار في بغداد، واستمر يلازمه نحو أربع سنوات، فلم يتركه، حتى بلغ العشرين من عمره. ذلك الإمام هو هشيم بن بشير بن أبي خازم الواسطي المتوفى سنة ١٨٣(١) ولقد روى عن أحمد خبر تلك الملازمة ومدتها، فقد قال كما رواه عنه ابنه صالح، ((كتبت عن هشيم سنة تسع وسبعين، ولزمناه إلى سنة ثمانين وإحدى وثمانين، واثنتين وثمانين، وثلاث، ومات في سنة ثلاث وثمانين، كتبنا عنه كتاب الحج نحوًا من ألف حديث، وبعض التفسير وكتاب القضاء، وكتبًا صغارًا)) وسأله ابنه صالح بعد ذلك القول: يكون ثلاثة آلاف؟ قال أكثر))(٢).
ولم تكن تلك الملازمة تامة أي أنه لم ينقطع له انقطاعًا تامًا، ولم يتصل بغيره في مدى أربع السنوات، بل كان يتلقى عن غيره أحيانًا، ويحضر بعض مجالس سواء فيروى أنه سمع من عمير بن عبد الله بن خالد سنة ١٨٢ قبل موت هشيم
ولقد سمع أيضًا في هذه الأثناء عبد الرحمن بن مهدي، فيروى أنه قال: ((قدم علينا عبد الرحمن بن مهدي سنة ثمانين، وقد خضب، وهو ابن خمس وأربعين سنة، وكنت أراه في المسجد الجامع))
وكان أيضًا يستمع إلى أبي بكر بن عياش، ويروي عنه.
(١) المناقب لابن الجوزي ص ٢٥ (٢) المصدر نفسه
22