Ibn Ḥanbal ḥayātuhu wa-ʿaṣruhu – ārāʾuhu wa-fiqhuhu
ابن حنبل حياته وعصره – آراؤه وفقهه
وإن ادعاء أن أحمد قد ذكر أن القرآن قديم، فإنما أذيعت نسبته إليه في القرن الرابع برواية مجهولة.
ولقد أنكر الذهبي في تاريخه صحة هذه النسبة إلى أحمد رضي الله عنه.
٢١ هذه مسألة خلق القرآن، ورأي أحمد فيها، كما حققه العلماء، وبينوه، وقد انبنى الكلام في المسألة كما قلنا على الكلام في الصفات، وما يقوله أحمد فيها.
ولقد ذكر أن أحمد يرى الرأي الذي لا تأويل فيه، ولا تشبيه، فهو يصف الله سبحانه وتعالى بكل وصف جاء في القرآن الكريم، أو السنة النبوية الثابتة، يصفه بالسمع والبصر والعلم والكلام والحياة، وغير ذلك من الصفات التي جاء ذكرها في القرآن والسنة، غير باحث عن كيفها، ولكنه جازم بأنه لا يشابه الحوادث في صفة من الصفات، لقوله تعالى ((ليس كمثله شيء وهو السميع البصير))
وهو بهذا الرأي وسط بين أهل التعطيل الذين نفوا الصفات، والمشبهة والمجسمة والحشوية الذين أثبتوا الصفات ولم يقولوا إن التشبيه ممنوع قطعاً، بل أثبت الحشوية لله سبحانه وتعالى ما يثبت للآدميين، تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً.
وقد ادعى بعض هؤلاء المشبهة نسبتهم إلى الإمام أحمد، وهو منهم براء، لأنه يقرر فيما يقرر ما جاء به النص القاطع، وهو أنه سبحانه وتعالى: ((ليس كمثله شيء، وهو السميع البصير)).
٥ - رؤية الله يوم القيامة
٢٢ - هذه مسألة من المسائل التي ثارت في عصر أحمد رضي الله عنه، فإن المعتزلة نفوا أن يرى الله سبحانه وتعالى يوم القيامة، لأن الرؤية تقتضي الجسمية، والجسمية توجب مشابهة الله للحوادث، والله سبحانه وتعالى ليس كمثله شيء، وقد تأولوا الآيات الواردة في القرآن التي تدل على الرؤية، مثل قوله تعالى ((وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة)) وغيرها من الآيات التي تدل بظاهرها على جواز الرؤية، بل على تحقق وجودها يوم القيامة.
ولقد كان المأمون الذي حاول في آخر حياته حمل الناس على أن يقولوا إن القرآن
142