125

Ibn Ḥanbal ḥayātuhu wa-ʿaṣruhu – ārāʾuhu wa-fiqhuhu

ابن حنبل حياته وعصره – آراؤه وفقهه

وتصدى ببيان قليل في طرق تولي الخلافة، ووجوب الطاعة، وعدم جواز الخروج عن الخلفاء. ومضار الخروج والفتن.

ولهذا نرى لأحمد رضي الله عنه آراء في العقائد، وآراء في السياسة، ونرى ضرورة بيانها إجمالا:

آراؤه حول بعض العقائد

٣ - كانت في هذا العصر تثار مسائل متصلة بالعقائد الإسلامية، يثيرها كبار الفرق الإسلامية. وينشرونها بين جماهير المسلمين، وأولئك لا يثقون إلا بعلم الفقهاء والمحدثين، فلا يسألون غيرهم عنها، ولا يجدون ما يحلو الشبهة عند غيرهم، ومن هذه المسائل، مسألة حقيقة الإيمان، ومسألة القدر وأفعال الإنسان، وإرادته بجوار إرادة الله سبحانه وتعالى، والذنوب، وأثرها في الإيمان، وكون مرتكب الكبيرة من أهل القبلة يدخل الجنة أو يخلد في النار، ثم مسألة الصفات ومعها مسألة المسائل التي شغلت العصر، ورفعت أحمد، وهي مسألة خلق القرآن، وتبعها مسألة رؤية الله، وهكذا. فهذه خمس مسائل، نرجو أن نجلي رأي أحمد فيها، في بيان موجز من غير تفصيل.

١ - الإيمان

٤ - ذكرنا هذه المسألة، لأن حقيقة الإيمان من المسائل التي جرى حولها الخلاف، وأثارته الفرق المختلفة، فالجهمية يرون أن الإيمان هو المعرفة، وإن لم يصحبها عمل، ولم يصرحوا بوجوب الإذعان، والمعتزلة يرون الأعمال جزءا من الإيمان بحيث إن من لم يرتكب الكبائر لا يكون مؤمنا، وإن اعتقد بالوحدانية، وشهد أن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكنه لا يكون كافرا، بل هو في منزلة بين المنزلتين، والخوارج في جملتهم قالوا إن العمل جزء من الإيمان، بحيث إن مرتكب المعاصي لا يكون مؤمنا، بل يكون كافرا، وهكذا.

ولقد كان لا بد أن يتكلم الفقهاء والمحدثون في هذا المعاني بطريقتهم، وهي الاعتماد على الكتاب والسنة، دون الاعتماد على العقل المجرد، ولقد اختلفوا في ذلك

124