100

والطين لا يسمو سمو النار

وذلك هو بشار بن برد الذي كان يتظرف بأمثال هذه البدوات، ولا يأتي فيها بجديد من عنده؛ لأن المفاضلة بين العنصرين أقدم من بشار، وأقدم من كل ما قاله الشعراء المسلمون عن إبليس، ولم تخطر صفة إبليس على بال أحد من المتقدمين في الإسلام إلا كان يعلم أن إبليس من عنصر النار.

على أن موضع إبليس من رسالة الغفران لأبي العلاء يشبه بعض الشبه مواضعه من ملاحم الشعراء الغربيين، فقد ذهب فيها إلى أودية ليست كأودية الجنة، فسأل صاحبه بعض الملائكة: ما هذه يا عبد الله؟ فقال له: هذه جنة العفاريت الذين آمنوا بمحمد

صلى الله عليه وسلم ، وذكروا في الأحقاف وفي سورة الجن، وهم عدد كثير ... ويسأل أحد العفاريت عن أشعار المردة فيقول له: لقد أصبت العالم بحقيقة الأمر، وهل يعرف الإنس من النظيم إلا كما تعرف البقر من علم الهيئة؟ ثم يسأله عن اسمه فيقول: إنه يدعى الخيثعور، وإنهم من غير ولد إبليس، وإنهم من الجن الذين سكنوا الأرض قبل آدم عليه السلام.

ويلقى في جنة العفاريت شاعرا يسمى أبا الهدرس، فيسمعه من نظمه قصيدة يقول فيها عن أيام طاعته لإبليس:

نحارب الله جنودا لإبلي

س أخي الرأي الغبين البخيس

نسلم الحكم إليه إذا

قاس فنرضى بالضلال المقيس

نزين للشارخ والشيخ أن

Unknown page