229

Al-Ibāna al-kubrā li-Ibn Baṭṭa

الإبانة الكبرى لابن بطة

Editor

رضا معطي، وعثمان الأثيوبي، ويوسف الوابل، والوليد بن سيف النصر، وحمد التويجري

Publisher

دار الراية للنشر والتوزيع

Publisher Location

الرياض

Genres

Ḥadīth
٣٤١ - وَبَلَغَنِي عَنِ الْحَارِثِ الْمُحَاسِبِيِّ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: «سُؤَالُ الْعَبْدِ عَمَّا لَا يَعْنِيهِ خُذْلَانٌ مِنَ اللَّهِ ﷿ لَهُ»
٣٤٢ - وَقَالَ طَاوُسٌ: «إِنِّي لَأَرْحَمُ الَّذِينَ يَسْأَلُونَ عَمَّا لَمْ يَكُنْ، مِمَّا أَسْمَعُ مِنْهُمْ»
٣٤٣ - وَقَالَ الشَّعْبِيُّ: «لَوْ أَدْرَكَ هَؤُلَاءِ الْأَرَائِيُّونَ النَّبِيَّ ﷺ لَنَزَلَ الْقُرْآنُ كُلُّهُ يَسْأَلُونَكَ يَسْأَلُونَكَ» ⦗٤٢٠⦘ قَالَ الشَّيْخُ: «فَالْعَجَبُ يَا إِخْوَانِي رَحِمَكُمُ اللَّهُ لِقَوْمٍ حَيَارَى تَاهَتْ عُقُولُهُمْ عَنْ طُرُقَاتِ الْهُدَى، فَذَهَبَتْ تَنِدُّ مَحَاضِرُهُ فِي أَوْدِيَةِ الرَّدَى، تَرَكُوا مَا قَدَّمَهُ اللَّهُ ﷿ فِي وَحْيِهِ، وَافْتَرَضَهُ عَلَى خَلْقِهِ، وَتعَبَّدَهُمْ بِطَلَبِهِ، وَأَمَرَهُمْ بِالنَّظَرِ، وَالْعَمَلِ بِهِ، وَأَقْبَلُوا عَلَى مَا لَمْ يَجِدُوهُ فِي كِتَابٍ نَاطِقٍ، وَلَا تَقَدَّمَهُمْ فِيهِ سَلَفٌ سَابِقٌ، فَشُغِلُوا بِهِ، وَفَرَّغُوا لَهُ آرَاءَهُمْ وَجَعَلُوهُ دِينًا يَدْعُونَ إِلَيْهِ، وَيُعَادُونَ مَنْ خَالَفَهُمْ عَلَيْهِ، أَمَا عَلِمَ الزَّائِغُونَ مَفَاتِيحَ أَبْوَابِ الْكُفْرِ، وَمَعَالِمَ أَسْبَابِ الشِّرْكِ، التَّكَلُّفَ لِمَا لَمْ تُحِطِ الْخَلَائِقُ بِهِ عِلْمًا بِهِ، وَلَمْ يَأْتِ الْقُرْآنُ بِتَأْوِيلِهِ، وَلَا أَبَاحَتِ السُّنَّةُ النَّظَرَ فِيهِ، فَتَزَيَّدَ النَّاقِصُ الْحَقِيرُ، وَالْأَحْمَقُ الصَّغِيرُ بِقُوَّتِهِ الضَّعِيفَةِ، وَعَقْلِهِ الْقَصِيرِ أَنْ يَهْجِمَ عَلَى سِرِّ اللَّهِ الْمَحْجُوبِ، وَيَتَنَاوَلَ عِلْمَهُ بِالْغُيُوبِ يُرِيدُهَا لِنَفْسِهِ، وَطَوَى عَلَيْهَا عِلْمَهَا دُونَ خَلْقِهِ، فَلَمْ يُحِيطُوا مِنْ عِلْمِهَا إِلَّا بِمَا شَاءَ، وَلَا يَعْلَمُونَ مِنْهَا إِلَّا مَا يُرِيدُ، فَكُلُّ مَا لَمْ يَنْزِلِ الْوَحْيُ بِذِكْرِهِ، وَلَمْ تَأْتِ السُّنَّةُ بِشَرْحِهِ مِنْ مَكْنُونِ عِلْمِ اللَّهِ، وَمَخْزُونِ غَيْبِهِ، وَخَفِيِّ أَقْدَارِهِ، فَلَيْسَ لِلْعِبَادِ أَنْ يَتَكَلَّفُوا مِنْ عِلْمِهِ مَا لَا يَعْلَمُونَ، وَلَا يَتَحَمَّلُوا مِنْ نَقْلِهِ مَا لَا يُطِيقُونَ، فَإِنَّهُ لَنْ يَعْدُوَ رَجُلٌ كَلَّفَ ذَلِكَ نَظَرَهُ، وَقَلَّبَ فِيهِ فِكْرَهُ، أَنْ يَكُونَ كَالنَّاظِرِينَ فِي عَيْنِ الشَّمْسِ لِيَعْرِفَ قَدْرَهَا، أَوْ كَالْمُرْتَمِي فِي ظُلُمَاتِ الْبُحُورِ لَيُدْرِكَ قَعْرَهَا، فَلَيْسَ يَزْدَادُ عَلَى الْمُضِيِّ فِي ذَلِكَ إِلَّا بُعْدًا، وَلَا عَلَى دَوَامِ النَّظَرِ فِي ذَلِكَ إِلَّا تَحَيُّرًا، فَلْيَقْبَلِ الْمُؤْمِنُ الْعَاقِلُ مَا يَعُودُ عَلَيْهِ نَفْعُهُ، وَيَتْرُكْ إِشْغَالَ نَظَرِهِ، وَإِعْمَالَ فِكْرِهِ فِي مُحَاوَلَةِ الْإِحَاطَةِ بِمَا لَمْ يُكَلَّفْهُ، وَمَرَامَ الظَّفَرِ بِمَا لَمْ يُطَوَّقْهُ، فَيَسْلُكَ سَبِيلَ الْعَافِيَةِ، وَيَأْخُذَ بِالْمَنْدُوحَةِ الْوَاسِعَةِ، وَيَلْزَمَ الْحُجَّةَ الْوَاضِحَةَ، وَالْجَادَّةَ السَّابِلَةَ، وَالطَّرِيقَ الْآنِسَةَ، فَمَنْ خَالَفَ ذَلِكَ وَتَجَاوَزَهُ إِلَى الْغَمْطِ بِمَا أُمِرَ بِهِ، وَالْمُخَالَفَةِ إِلَى مَا يُنْهَى عَنْهُ، يَقَعُ وَاللَّهِ فِي بِحُورِ الْمُنَازَعَةِ، وَأَمْوَاجِ الْمُجَادَلَةِ، وَيَفْتَحُ عَلَى نَفْسِهِ أَبْوَابَ الْكُفْرِ بِرَبِّهِ، وَالْمُخَالَفَةِ لَأَمْرِهِ، وَالتَّعَدِّي لِحُدُودِهِ. وَالْعَجَبُ لِمَنْ خُلِقَ مِنْ نُطْفَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ، فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ، كَيْفَ لَا يُفَكِّرُ فِي عَجْزِهِ ⦗٤٢١⦘ عَنْ مَعْرِفَةِ خَلْقِهِ، أَمَا يَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ ﷿ قَدْ أَخَذَ عَلَيْكُمْ مِيثَاقَ الْكِتَابِ أَنْ لَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ، فَسُبْحَانَ اللَّهِ أَنَّى تُؤْفَكُونَ»

1 / 419