قال ابن جبير (1): ثم نزلنا بواقصة ، وهي وهدة من الأرض منفسحة ، فيها مصانع للماء مملوءة ، وقصر كبير وبأزائه أثر بناء ، وهي معمورة بالأعراب ، وهي آخر مناهل الطريق ، وليس بعدها إلى الكوفة منهل مشهور إلا مشارع الفرات. ومنها إلى الكوفة ثلاثة أيام ، ومن يريد الكوفة يسير مستقيما إلى القرعاء ، فالمغيثة ، فالقادسية مشرقا. (ونحب) يقال : نحب القوم في سيرهم ، أي جدوا وأسرعوا. قلت : وسار الحسين من واقصة حتى انتهى إلى القرعاء بسيره ، فمر بها ولم ينزلها حتى أتى مغيثة.
ثم إلى القرعاء وافى وإلى
مغيثة غوث الورى حث السرى
(القرعاء): تأنيث الأقرع ، كأنها سميت بذلك لقلة نباتها ، وهو منزل في طريق مكة من الكوفة بعد المغيثة ، وقبل واقصة إذا كنت متوجها إلى مكة. وبين المغيثة والقرعاء الزبيدية ومسجد سعد والخبراء ، وبين القرعاء وواقصة على ثلاثة أميال بئر بالمرعى ، وبين القرعاء وواقصة ثمانية فراسخ. وفي القرعاء بركة وركايا لبني غدانة ، وكانت به وقعة بين بني دارم بن مالك وبني يربوع بسبب هيج جرى بينهم على الماء ، فقتل رجل من غدانة يقال له : أبو بدر ، وأراد بنو دارم أن يدوا فلم يقبل بنو يربوع ، فهاجت الحرب بين القبيلتين (2). وهناك أحساء بني وهب بين القرعاء وواقصة تسع آبار كبار على طريق الحج. قلت : فوصل الحسين القرعاء في طريقه إلى الكوفة ومنها توجه إلى مغيثة.
(مغيثة): هذه غير مغيثة الماوان التي مر ذكرها ، والتي بين السليلة والنقرة ؛ أما هذه فهي بين القرعاء وشراف. قال في المشترك (3): المغيثة : منزل في طريق مكة بعد العذيب من جهة مكة ، وهي لبني نبهان من طي ، وقد وصلها الحسين بركبه ولم ينزل بها ، فاجتازها إلى شراف.
Page 93