190

Hurub Dawlat Rasul

حروب دولة الرسول (الجزء الأول)

Genres

ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين (القصص: 5).

ويروي البلاذري: «كان رسول الله

صلى الله عليه وسلم

إذا جلس في المسجد جلس إليه المستضعفون من أصحابه؛ عمار بن ياسر وخباب بن الأرت وصهيب بن سنان وبلال بن رباح وأبو فكيهة وعامر بن فهيرة، وأشباههم من المسلمين، فتهزأ قريش بهم ويقول بعضهم لبعض: هؤلاء جلساؤه كما ترون، قد من الله عليهم من بيننا.»

7

وإعمالا لذلك بات واضحا أن المستضعفين هم من سيشكلون مادة الأمة الطالعة، وهم من سيكونون القادة والأئمة، وهم من سيرثون الملأ وحكومته، والسبيل أمة جديدة، تقوم على مبدأ جديد، يوحد ولا يفرق، يجمع أصحاب المصلحة في التغيير في مصهر واحد، عبرت عنه الآيات الكريمة بقوله:

أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه (الشورى: 13). ومن هنا، وفي تلك المرحلة قام الإسلام بضرب القبلية، بإحلال الولاء لجماعة الإسلام محل أي ولاء آخر، وهو ما دعا إليه الوحي في قوله:

ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم (التوبة: 113).

وقد أفصحت الصحيفة التي عقدت بعد ذلك بزمن بعد الهجرة إلى يثرب، عن قرار بقيام الدولة على نظام اجتماعي جديد، يميزها كأمة أخرى تماما دون بقية الأعراب، ووضعت أول مبدأ للأمة الموحدة، معبرة عن التجمع الحضري الكيفي المتجاوز للتجمع القبلي الكمي. وهو المبدأ الوارد في نصها المضيء في مبتداها: «هذا كتاب من محمد النبي، بين المؤمنين والمسلمين من قريش ويثرب، ومن تبعهم وجاهد معهم، أنهم أمة واحدة من دون الناس.»

8

Unknown page