188

Hurub Dawlat Rasul

حروب دولة الرسول (الجزء الأول)

Genres

وهو يعقب على نصر ذي قار قائلا: «اليوم أول يوم انتصف فيه العرب من العجم وبي نصروا.»

4

وفي مكة، كان أبرز من وعى ممكنات المستقبل وهي تلقي بمقدماتها أمام سادة مكة، رجل من الملأ حكيم، هو عتبة بن ربيعة، الذي وقف يطلب من قريش الكف عن محمد؛ لأن ما سيكون له من شأن سيكون شأنهم، وما سيحققه من عز وملك سيكون ملكهم وعزهم، لكن إصرار الملأ على المنافع الضيقة واستدامة الأرباب القبلية جذبا للتجارة، أدى بذلك المتغير الآتي إلى أن يفرض وجوده فرضا، ليصل خط التطور نحو غايته الحتمية.

وعليه فقد نهض بإتمام التطور وأخذه إلى نهايته الناضجة، لصالح الطبقة التاجرة، ذلك الفرد المنتظر، نبي الإسلام الكريم

صلى الله عليه وسلم

الذي نشأ يتيما فقيرا كادحا، من البيت الهاشمي الذي حاز شرف النسب، لكن مع تواضع مادي، بل كان من الغصن رقيق الحال في ذلك البيت، غصن عبد المطلب وأبي طالب. ومع تجاوزه الصبا إلى اليفوع والرجولة، تحول محمد إلى التجارة لصالح أثرياء مكة، ثم تزوج من الشريفة الثرية السيدة خديجة بنت خويلد - رضي الله عنها - فخبر الأمرين، وعاش الحالين، وعاين الطبقتين، مما كان كفيلا بوعي نافذ، كان وراء دفع الأمر نحو غايته ونتائجه الحتمية.

وإعمالا لما سبق، وبسبيل الاتساق مع السير الصحيح لوجهة التطور التاريخي، بدأ النبي

صلى الله عليه وسلم

دعوته بالمجاهرة بضرب المصالح الأنانية الضيقة لملأ مكة، ابتداء بضرب التعدد القبلي الربوبي، بهدف التوحيد الآتي. ومن ثم كان إعلانه كفران قريش

قل يا أيها الكافرون ... ، وسلبها لقبها الذي شرفتها به العرب «أهل الله»، وتسفيهه لمعتقداتها وعقائد العربان، مع رفضه الصارم لقواعد التجارة التي قعدوها، التي كانت تعطل سيولة رأس المال وتجمد دورته التنموية، فقام يهاجم كنز الذهب والفضة بأوامر وحي يساير سنن الكون التاريخية ويلتقي معها، حتى وصل في مغالاته إلى ذم المال في ذاته، وهو ما جاء في رواية ابن حنبل: «إن النبي قال: تبا للذهب، تبا للفضة، فشق ذلك على أصحاب النبي

Unknown page