174

Hurub Dawlat Rasul

حروب دولة الرسول (الجزء الأول)

Genres

يوم الجمعة على المنبر، قام فقال: أيها الناس، هذا رسول الله بين أظهركم، أكرمكم الله تعالى به وأعزكم، فانصروه وعزروه، واسمعوا له وأطيعوا، ثم يجلس.

ومثل ذلك القول المعتاد من «ابن سلول»، يشير إلى أمر الرجل كسيد من سادة المدينة، يوجه نصحه وأمره لرجاله وأتباعه وحلفائه، بطاعة النبي، كما يشير لهم أنه بخطابه قد بدأ هو بالطاعة للنبي وعليهم اتباعه، كما أن تلك المقدمة الدورية منه كل جمعة. كانت تعني من جانب آخر، تنازلا مضطرا للسيد الجديد، كما كانت تمسحا به وتزلفا لبقية المؤمنين، وهو يعطيها كما لو كان يعطي برضاه، أو كمن تنازل عن السيادة وأمر أتباعه بالطاعة ولولاه ما أطاعوا. إنها المحاولة الدائبة من سيد انحدر أمره يريد التشبث بما بقي له من ظلال السيادة، ولو على من بقي له من أتباع، ليقوم ممثلا لهم معطيا بيعة دورية للسيد الجديد. لكن بعد أحد، حدث ما جاء في كتب السير يقول:

فبعد أحد، أراد أن يفعل ذلك، فلما قام، أخذ المسلمون بثوبه من نواحيه، وقالوا له: اجلس عدو الله، والله لست لذلك بأهل، وقد صنعت ما صنعت. فخرج وهو يتخطى رقاب الناس وهو يقول: كأني إنما قلت هجرا؟! وقال له بعض الأنصار: ارجع يستغفر لك رسول الله، فقال: والله ما ابتغي أن يستغفر لي، إن قمت إلا لأشدد أمره.

18

وهكذا سقط ما كان قد تبقى لابن سلول من سيادة وتشريف، كان يلتمسه عبر تقديم سيد المدينة الجديد لأتباعه، وانحدر أمره، وتضاءل حجمه وأمعن بقية الأنصار مع المهاجرين في تصغيره، حتى لا يكون فتنة للمسلمين بعد الهزيمة، وحتى لا يكون ذا أثر محسوس لمعارضة حية أو نشطة في الدولة الجديدة، زمن حرب ومعركة دائبة. (3) المعارضون

ثم كان أن سل الإسلام سيفه على الرءوس الكبيرة داخل المدينة وخارجها، إرهابا وإنذارا، لتعود القبائل إلى الانكماش ولا تجد في أحد فرصة للتطاول على دولة المسلمين الطالعة، وفي ذلك يذكرنا «ابن حبيب» بمقتل الرأس اليهودي «كعب بن الأشرف»، الذي هاله أمر قتلى المشركين في بدر وأفصح بالعداء للمسلمين، لكن ليضيف إليه رأسا آخر تم اجتثاثه، فيقول: «وفي سنة ثلاث، بعث محمد بن مسلمة وسلكان بن سلامة إلى كعب بن الأشرف فقتلاه ... وبعث في النصف من رجب عبد الله بن أنيس إلى سلام بن أبي الحقيق اليهودي فقتله.»

19

ويفصل لنا «ابن كثير» أمر اغتيال «أبي رافع/سلام بن أبي الحقيق» بقوله: «وكانت الأوس قبل أحد قد قتلت كعب بن الأشرف، فاستأذن الخزرج رسول الله

صلى الله عليه وسلم

في قتل سلام بن أبي الحقيق وهو بخيبر، فأذن لهم، قال ابن إسحق: فحدثني محمد بن مسلم الزهري عن عبد الله بن كعب بن مالك قال: وكان مما صنع الله لرسوله

Unknown page