عبد الله بن أبي بن سلول
يقول البيهقي مصورا حال يثرب بعد هزيمة المسلمين في أحد بقوله:
وأخذ المنافقون عند بكاء المسلمين في المكر ... وتحزين المؤمنين ... وفارت المدينة بالنفاق فور المرجل.
1
ونعت النفاق عند أحد تحديدا، صار - كما هو واضح في كتب الأخبار - يلحق بكل معترض، أو بكل من عقب على الهزيمة بالتشكيك، وهو ما يظهر واضحا في قول ابن كثير:
وقالت اليهود: لو كان نبيا ما ظهروا عليه، ولا أصيب منه ما أصيب، لكنه طالب ملك تكون له الدولة وعليه. وقال المنافقون مثل قولهم، وقالوا للمسلمين: لو كنتم أطعتمونا ما أصابكم الذي أصابوا منكم.
2
والإشارة هنا إلى ثلاثمائة أنصاري، قرروا قبل المعركة البقاء في المدينة، وعدم الخروج إلى أحد، برأي عسكري عركته خبرتهم بمناعة مدينتهم. وإزاء ذلك الفوران، الذي بات يهدد هيبة الدولة الناشئة، ويعطي الفرصة للرءوس المحنية للتعالي والتغامز، وما قد يجره ذلك من تردي هيبة صنعها المجاهدون بدمائهم في بدر؛ كان لا بد من خطوة أولى لتهدئة روع المسلمين، ومن ثم استرسل الوحي يرد على هؤلاء بالقول الكريم:
الذين قالوا لإخوانهم وقعدوا لو أطاعونا ما قتلوا قل فادرءوا عن أنفسكم الموت إن كنتم صادقين (آل عمران: 168).
وما أصابكم يوم التقى الجمعان فبإذن الله وليعلم المؤمنين ... (آل عمران: 166).
Unknown page