21
ويرسم رواة السيرة، صورة حية لمقتل حمزة رضي الله عنه، بلسان قاتله وحشي، الذي يروي، أنه بينما كان حمزة يصول بسيفه «مر به سباع بن عبد العزى الغشاني، وكان يكنى أبا نيار، فقال له حمزة: هلم إلي يا ابن مقطعة البظور. وكانت أمه أم إنمار ختانة بمكة. فلما التقيا فضربه حمزة فقتله.» وهنا عثر حمزة فوقع، فانكشف درعه الحديدي عن بطنه «فهززت حربتي حتى إذا رضيت منها، دفعتها عليه، فوقعت في ثنته حتى خرجت من بين رجليه، فأقبل نحوي، فغلب، فوقع، وأمهلته حتى إذا مات، جئت فأخذت حربتي ثم تنحيت عن العسكر، ولم تكن لي بشيء حاجة غيره.»
22
وهنا هرولت «بنت عتبة» المدللة الثائرة، لتبقر بطن حمزة رضي الله عنه، وتخرج كبده وتلوك منه قطعة تشفيا، حتى إذا انتهت المعركة ورحلت قريش، مر رسول الله بعمه وهو على تلك الحال، فوقف على رأسه وقد أخذ منه الكمد مأخذا، حتى جعل يقول:
لولا أن تحزن صفية، ويكون سنة بعدي، لتركته حتى يكون في بطون السباع وحواصل الطير، ولئن أظهرني الله على قريش في موطن من المواطن، لأمثلن بثلاثين رجلا منهم.
23
وقد عقب بعض المفسرين بالقول: إن الوحي جاء يرد النبي عن ذلك بقوله:
وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به (النحل: 126)، لكن ابن كثير بحصافته، يدرك أمرا فيقول:
قلت هذه الآية مكية، وقصة أحد بعد الهجرة بثلاث سنين! فكيف يلتئم هذا؟!
24
Unknown page