فهل بعد هذا البيان من بيان لمن يريد أن يفهم مدى سعة وعمق العلم الذي يلقاه في القرآن؟
إنه علم من هذا العلم الواسع الذي يختص به الله العلي العظيم.
وإذن فإن على الناس أن يوقنوا بأن هذا القرآن هو العلم الذي ينير وهو الحق الذي لا ريب فيه وهو الصراط المستقيم وهو الذي يعلمنا كيف نتعامل مع كل ما حولنا من الأشياء والمخلوقات الصغرى والكبرى بأسلوب سليم وبسلوك مستقيم لا عوج فيه ولا فساد ولا بغي ولا إحباط ولا انحراف ولا عناد، إنه طريق الانسجام مع كل الأنام، والهادي إلى إقامة الميزان بالقسط والنظام، وهو النور الذي يبدد الحيرة والظلام، ويصد الظلم والبغي على مدى الأيام، وينشر ظل الحب والوئام، والأمن والسلام فلا عدوان ولا طغيان، ولا جوع ولا حرمان، ولا مسكنة ولا يتم ولا إذعان، ولا خوف ولا أحزان، ولا حرب ولا أضغان، ولا عسر ولا خسران، ولكن سعادة واطمئنان ، وحب وأمان، وبركات من السماء والأرض مضاعفة مدى الأزمان.
هو هذا القرآن يا أيها الإنسان الذي أنزله إليك ربك الأكرم الذي علم بالقلم، علم الإنسان ما لم يعلم، فيه تتعلم وتعلم، وبه تسعد وتسلم، وتفوز وتغنم، وتكون في الدنيا والأخرى ممن رضي الله عنه وأكرم.
فإن أعرضت عنه كانت حياتك ضنكا، وعلمك شكا، وطريقك معوجا، ومنطقك لججا، وعيشك نكدا، وعمرك كدا، ولن تفلح إذا أبدا.
فماذا تعلم غير ما علمك ربك؟ هل تعلم ما تكسب في غدك، إنك لا ترى ماذا وراء إذنك، بل إن ما تحت جفنك وفوق خدك غيب عندك، وهو أقرب شيء إلى عينك، فما بالك بما بين يديك وما خلفك من السماء والأرض، وما فوقك وما تحتك من الأجرام الصغرى والعظمى، إنك لا تدري عن ذلك شيئا، ومع ذلك تدعي معرفة الأسرار وأنت عن ربك بعيد، وتريد نيل الخيرات وأنت عنه تحيد وتبغي أن تسخر لك القوى والطاقات وأنت تنس خالق الأرض والسماوات، وتركن إلى ظنونك الواهنات.
وبعد: هل سلمت معي أنك ضعيف عاجز؟ وأنك بدون ربك وعلمه غير فائز.
إذن فكيف تتغلب على ضعفك والعجز؟ وكيف تنال النجاح والفوز؟
ليس أمامك إلا هذا القرآن الذي يعلمك فيه الرحمن كيف تقترن بغيرك من الكائنات، وكيف تتعامل مع إمكانياتها والطاقات، وكيف تفتح لك منها البركات، وتنهال عليك الثروات، وتسهل لك الممتنعات، وتسخر لك العسيرات، وتلين لك القاسيات، وتسير إليك الراسيات، وتظهر لك الغائبات، وتستجيب لك المستحيلات، وتلبى آمالك ومطامحك النجوم والذرات البحار والمجرات.
هل تظن أن ما أقوله أحلام وأمنيات؟ وأوهام وخيالات؟.
Unknown page