Human Rights in Islam by Abdelfattah Ashmawi

Abdel Fattah bin Suleiman Ashmawi d. Unknown
74

Human Rights in Islam by Abdelfattah Ashmawi

حقوق الإنسان في الإسلام لعبد الفتاح عشماوي

Publisher

مجلة الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة

Genres

هو أن العلم بالصانع سيجعله ينتفع بكل صنعته، الآن وبعد موته، فهو الآن يجب أن يكون تاجرًا أو صانعًا وزارعًا، وباحثًا في أغوار اليابس. وغائصًا في أعماق الماء. وطائرًا في الهواء، ومتفكرًا في عجائب الفضاء، ومتبصرًا في كواكب السماء، على أن هذا من صنعة الصانع الذي عرفه وأيقن به ﷿، فلما سعد بدنياه حين استخدمها بما ذكرنا، راح يذكر موجد هذه النعمة بالانحناء راكعًا وبالكف صائما وبالإخراج مزكيًا وبشد الرحال حاجًا، ولِما نهي عن المعاصي تاركا. ولما أمِرَ به من الطاعات فاعلا مؤديًا، وبهذا أخذ الطريق إلى حيازة ما هو أنعم وأدوم. عندما يلقى الله بالفناء المحتم ﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً -في الدنيا- وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ - أي في الآخرة- وفي آية أخرى قوله ﴿لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَلأَجْرُ الآخِرَةِ أَكْبَر﴾ . ولهذا صنع نوح السفينة الأم الكبرى، فكان أن نجا بها في الدنيا ومن معه، والنجاة العظمى في الآخرة تنتظرهم، ومن هذه السفينة الهائلة، حيث يوصف ضخامتها في الكتب المقدسة ابتداء من التوراة إلى القرآن، لم يصنع أحد حجمها لا حاملات طائرات ولا غيره، وإلا فما ظنك بسفينة تتسع لتحمل على ظهرها من كلٍّ زوجين اثنين، ذكرا وأنثى من كل الأحياء إنسانًا وحيوانا. ولهذا أيضًا صنع داود أسلحة القتال بغير أفران مجمعات الصلب والحديد، وبغير أفران ذرية. وبغير وغير ... مما نسينا به الصانع الأعظم الذي علم من صنعته نوحًا ﴿وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا﴾ وعلم من صنعته داود، ثم سخر له الحديد ليكون كالعجين في يده بغير نار ولا مصهار، وإنما بكلمة (كن) ﴿وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ﴾ . فيا للعجب من تلك القدرة والعظمة التي نسيناها. ولهذا أيضًا صنع ذو القرنين أعجب سد وأمنع سور بالصورة العجيبة التي ذكرها القرآن ﴿فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا، آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انْفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا - نحاساَ- فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا، قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا﴾؟ أسمعت أيها القارئ بأن هذا السد- هذا الاختراع في بناء الحصون والأسوار على حد تعبيرهم- سيبقى لمتانة صنعته حتى يجيء وعد الله بيوم الساعة فيدكه هو - وحده- بقدرته ﴿فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا﴾، وغير هذا كثير من عجائب مبدع الملكوت بالمباشرة أو بتسبيبه. إذًا فكيف نوجَّه بإعلان حقوق الإنسان يأتينا من عدونا ونحن الذين علمنا الدنيا من علم الذي قال ﴿قَدْ أَحَاَطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا﴾ ﴿كَمَا عَلَّمَكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ﴾ ﴿وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا﴾ ﴿وَمَا يَعْقِلُهَا إِلا الْعَالِمُونَ﴾، وغير هذا وفير في الكتاب الذي

57 / 113