113

الشخص المرح :

في دلفي، كما يقال، كتب صولون الأثيني: اعرف نفسك.

3

غير أن البعض يزعم أن قائل هذه الكلمة هو خيلون. يا خيلون الأسبرطي، ما زالت الآراء كذلك مختلفة حول هذه العبارة التي تنسب إليك: «على كل إنسان أن يتبصر بنهاية الحياة»؛ فهل أنت الذي قلتها، عندما أوصيت أن ينتظر المرء نهاية العمر الطويل (قبل أن يحكم على أحد بالسعادة أو الشقاء)؟

4

كذلك يزعم الكثيرون أن صولون قد قال هذه العبارة يوما للملك كرويزوس. أما بيتاكوس، من جزيرة لسبوس، فيروى عنه أنه قال: اعرف اللحظة، وأنه نبه إلى معرفة الوقت الملائم. وأما بياس المنسوب إلى مدينة برينيه فقد قال: معظم الناس أشرار، وعليك أن تفهم من قوله إن الحمقى في رأيه هم الأشرار. ويقول برياندر من مدينة كورنثة: المران هو كل شيء. وهو يقصد أن التروي يحقق للمرء كل ما يريد، ويعلم كليوبوليس من لندوس أن الحد هو الأفضل. أما طاليس فيحذر من أن تضمن غيرك، فتجلب الضرر على نفسك. وطبيعي أن يسخط مقترض المال على هذا التحذير. لقد قلت ما عندي، وسأنسحب الآن، لكي يتقدم المشرع صولون.

صولون :

ها أنا ذا أخطو على هذه الخشبة على طريقة الإغريق، أنا صولون الذي وهبه المجد أول جائزة منحت للحكماء السبعة. غير أن المجد شيء يختلف عن صرامة الحكم الصحيح؛ ولهذا لا أحب أن أكون أول الحكماء، بل أريد أن أكون واحدا منهم؛ لأن المساواة لا تطيق التقسيم إلى مراتب ودرجات. وبحق نصح إله دلفي ذلك «الشاب» الذي سأل هذا السؤال الطائش: من هو أول الحكماء؟ نصحه أن يكتب باقة أسماء الحكماء على هيئة دائرة، حتى لا يكون منهم أول ولا أخير.

ولهذا أتقدم من دائرتهم، أنا صولون، حتى أبلغ كل الناس ما قلته يوما للملك كرويزوس : أدعو الإنسان لأن ينظر في خاتمة حياته. وليحذر كل منهم أن يتكلم عن إنسان، فيقول هذا تعس، أو ذاك سعيد؛ لأن السعادة والتعاسة يحوطهما الغموض على الدوام. الأمر كذلك، فاسمحوا لي أن أثبته باختصار. كان الملك كرويزوس، لا بل طاغية ليديا، أحد هؤلاء السعداء. وكان يملك الكنوز التي لا حد لها، وبنى للآلهة معابد رفع أسوارها الذهبية، ودعاني الملك إليه فأطلعت حتى يتسنى لليديين أن يجلس على عرشهم أفضل الملوك. سألني الملك إن كنت أعرف إنسانا سعيدا؟ وسميت له تيلوس، ذلك المواطن النبيل، الذي سقط قتيلا وهو يدافع عن وطنه. وبدا له هذا المواطن حقيرا، فأعاد السؤال. وخطر على بالي أجلاوس الذي لم يغادر حدود حقله مرة واحدة في حياته.

ضحك الملك وقال: أين أكون إذن، وأنا الموصوف بأني السعيد الوحيد على ظهر الأرض؟ قلت له: «على المرء أن ينتظر نهاية الحياة، ثم يصدر الحكم بأنه سعيد إذا دامت له السعادة.» كانت العبارة قاسية على الملك، ولكنني انصرفت من عنده ... وكان أن أعلن الحرب على الفرس ... ودخل المعركة وهزم. مثل أمام الملك مقيدا بالأغلال، وعرفت أنه سيموت فوق المحرقة؛ إذ كان اللهب يملأ المكان، ويرفع ألسنة الدخان المتوهج إلى السماء.

Unknown page