248

Ḥujjat Allāh al-bāligha

حجة الله البالغة

Editor

السيد سابق

Publisher

دار الجيل

Edition

الأولى

Publication Year

سنة الطبع

Publisher Location

بيروت - لبنان

(من أَبْوَاب الِاعْتِصَام بِالْكتاب وَالسّنة)
قد حذرنا النَّبِي ﷺ مدَاخِل التحريف بأقسامها. وَغلظ النَّهْي عَنْهَا، وَأخذ العهود من أمته فِيهَا، فَمن أعظم أَسبَاب التهاون ترك الْأَخْذ بِالسنةِ، وَفِيه قَوْله ﷺ: مَا من نَبِي بَعثه الله فِي أمته قبلي إِلَّا كَانَ لَهُ من أمته حواريون وَأَصْحَاب يَأْخُذُونَ بسنته، ويقتدون بأَمْره، ثمَّ إِنَّهَا تخْتَلف من بعدهمْ خلوف يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ، ويفعلون مَا لَا يؤمرون، فَمن جاهدهم بِيَدِهِ فَهُوَ مُؤمن، وَمن جاهدهم بِلِسَانِهِ فَهُوَ مُؤمن، وَمن جاهدهم بِقَلْبِه فَهُوَ مُؤمن، وَلَيْسَ وَرَاء ذَلِك من الْإِيمَان حَبَّة خَرْدَل " وَقَوله ﷺ: " لَا أَلفَيْنِ أحدكُم مُتكئا على أريكته يَأْتِيهِ الْأَمر من أَمْرِي مِمَّا أمرت بِهِ أَو نهيت عَنهُ، فَيَقُول: لَا أَدْرِي مَا وَجَدْنَاهُ فِي كتاب الله اتبعناه " وَرغب فِي الْأَخْذ بِالسنةِ جدا لَا سِيمَا عِنْد اخْتِلَاف النَّاس.
وَفِي التشدد قَوْله ﷺ: " لَا تشددوا على أَنفسكُم، فيشدد الله عَلَيْكُم " ورده على عبد الله بن عَمْرو والرهط الَّذين تقالوا عبَادَة النَّبِي ﷺ وَأَرَادُوا شاق الطَّاعَات.
وَفِي التعمق قَوْله ﷺ: " مَا بَال أَقوام يتنزهون عَن الشَّيْء أصنعه، فوَاللَّه إِنِّي لأعلمهم بِاللَّه وأشدهم خشيَة لَهُ " وَقَوله ﷺ
: " مَا ضل قوم بعد هدى كَانُوا عَلَيْهِ إِلَّا أُوتُوا الجدل " وَقَوله ﷺ: " أَنْتُم أعلم بِأُمُور دنياكم ".
وَفِي الْخَلْط قَوْله ﷺ لمن أَرَادَ الْخَوْض فِي علم الْيَهُود " أمتهوكون أَنْتُم كَمَا تهوكت الْيَهُود والنصار؟ لقد جِئتُكُمْ بهَا بَيْضَاء نقية وَلَو كَانَ مُوسَى حَيا لما وَسعه إِلَّا اتباعي "، وَجعله ﷺ من أبْغض النَّاس من هُوَ مبتغ فِي الْإِسْلَام سنة الْجَاهِلِيَّة.
وَفِي الِاسْتِحْسَان قَوْله ﷺ: " من أحدث فِي أمرنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رد " وَضرب الْمَلَائِكَة لَهُ ﷺ مثل رجل بنى دَارا، وَجعل فِيهَا مأدبة، وَبعث دَاعيا أَقُول هَذَا إِشَارَة إِلَى تَكْلِيف النَّاس بِهِ وَجعله كالأمر المحسوس إكمالا للتعليم.

1 / 288