Ḥujjat Allāh al-bāligha
حجة الله البالغة
Editor
السيد سابق
Publisher
دار الجيل
Edition Number
الأولى
Publication Year
سنة الطبع
Publisher Location
بيروت - لبنان
وَفِي اليواقيت والجواهر - أَنه روى عَن أبي حنيفَة ﵁ أَنه كَانَ يَقُول: لَا يَنْبَغِي لمن لم يعرف دليلي أَن يُفْتِي بكلامي، وَكَانَ ﵁ إِذا أفتى يَقُول هَذَا رَأْي النُّعْمَان بن ثَابت يَعْنِي نَفسه وَهُوَ أحسن مَا قَدرنَا عَلَيْهِ فَمن جَاءَ بِأَحْسَن مِنْهُ فَهُوَ أولى بِالصَّوَابِ، وَكَانَ الإِمَام مَالك
﵁ يَقُول: مَا من أحد إِلَّا وَهُوَ مَأْخُوذ من كَلَامه ومردودا عَلَيْهِ إِلَّا رَسُول الله ﷺ.
وروى الْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن الشَّافِعِي ﵁ أَنه كَانَ يَقُول: إِذا صَحَّ الحَدِيث فَهُوَ مذهبي، وَفِي رِوَايَة إِذا رَأَيْتُمْ كَلَامي يُخَالف الحَدِيث فاعملوا بِالْحَدِيثِ، وأضربوا بكلامي الْحَائِط، وَقَالَ يَوْمًا للمزني: يَا إِبْرَاهِيم لَا تقلدني فِي كل مَا أَقُول، وَانْظُر فِي ذَلِك لنَفسك فَإِنَّهُ دين، وَكَانَ ﵁ يَقُول: لَا حجَّة فِي قَول أحددون رَسُول الله ﷺ وَإِن كَثُرُوا، وَلَا فِي قِيَاس وَلَا فِي شَيْء، وَمَا ثمَّ إِلَّا طَاعَة الله وَرَسُوله بِالتَّسْلِيمِ، وَكَانَ الإِمَام أَحْمد ﵁ يَقُول: لَيْسَ لأحد مَعَ الله وَرَسُوله كَلَام، وَقَالَ أَيْضا لرجل: لَا تقلدني وَلَا تقلدن مَالِكًا، وَلَا الأوزعي، وَلَا النَّخعِيّ، وَلَا غَيرهم، وَخذ الْأَحْكَام من حَيْثُ أخذُوا من الْكتاب وَالسّنة لَا يَنْبَغِي لأحد أَن يُفْتِي إِلَّا أَن يعرف أقاويل الْعلمَاء فِي الْفَتَاوَى الشَّرْعِيَّة وَيعرف مذاهبهم فَإِن سُئِلَ عَن مَسْأَلَة يعلم أَن الْعلمَاء الَّذين يتَّخذ مَذْهَبهم قد اتَّفقُوا عَلَيْهِ، فَلَا بَأْس بِأَن يَقُول هَذَا جَائِز وَهَذَا لَا يجوز وَيكون قَوْله على سَبِيل الْحِكَايَة وَإِن كَانَت مَسْأَلَة قد اخْتلفُوا فِيهَا فَلَا بَأْس بِأَن يَقُول هَذَا جَائِز فِي قَول فلَان، وَفِي قَول فلَان لَا يجوز، وَلَيْسَ لَهُ أَن يخْتَار فيجيب بقول بَعضهم، مَا لم يعرف حجَّته، وَعَن أبي يُوسُف وَزفر وَغَيرهمَا ﵏ أَنهم قَالُوا: لَا يحل لأحد أَن يُفْتِي بقولنَا مَا لم يعلم من أَيْن قُلْنَا، قيل لعصام بن يُوسُف ﵀: إِنَّك تكْثر الْخلاف لأبي حنيفَة ﵀ قَالَ: لِأَن أَبَا حنيفَة أُوتِيَ من الْفَهم مَا لم نُؤْت، فَأدْرك بفهمه مَا لم ندركه، وَلَا يسعنا أَن نفتي بقوله مَا لم نفهم. عَن مُحَمَّد بن الْحسن أَنه سُئِلَ مَتى يحل للرجل أَن يُفْتِي؟ قَالَ مُحَمَّد: إِذا كَانَ صَوَابه أَكثر من خطئه؛ عَن أبي بكر الإسكاف البخلى أَنه سُئِلَ عَن عَالم فِي بَلَده لَيْسَ هُنَاكَ أعلم مِنْهُ هَل يَسعهُ أَلا يُفْتِي؟ قَالَ: إِن كَانَ من أهل الِاجْتِهَاد، فَلَا يَسعهُ
قيل: كَيفَ يكون من أهل الِاجْتِهَاد؟ قَالَ: أَن يعرف وُجُوه الْمسَائِل، ويناظر أقرانه إِذا خالفوه قيل: أدنى الشُّرُوط للِاجْتِهَاد حفظ الْمَبْسُوط انْتهى.
1 / 268