183

Hujjat Allah Baligha

حجة الله البالغة

Investigator

السيد سابق

Publisher

دار الجيل

Edition Number

الأولى

Publication Year

سنة الطبع

Publisher Location

بيروت - لبنان

وَكَانَت فيهم الزَّكَاة، وَكَانَ الْمَعْمُول عِنْدهم مِنْهَا قرى الضَّيْف وَابْن السَّبِيل وَحمل الْكل وَالصَّدََقَة على الْمَسَاكِين وصلَة الْأَرْحَام والإعانة فِي نَوَائِب الْحق، وَكَانُوا يمدحون بهَا، ويعرفون أَنَّهَا كَمَال الْإِنْسَان وسعادته، قَالَت خَدِيجَة فوَاللَّه: لَا يخزيك الله أبدا إِنَّك لتصل الرَّحِم، وتقرى الضَّيْف، وَتحمل الْكل، وَتعين على نَوَائِب الْحق، وَقَالَ ابْن الدغنة لأبي بكر الصّديق ﵁ مثل ذَلِك، وَكَانَ فيهم الصَّوْم من الْفجْر إِلَى غرُوب الشَّمْس، وَكَانَت قُرَيْش تَصُوم عَاشُورَاء فِي الْجَاهِلِيَّة وَكَانَ الْجوَار فِي الْمَسْجِد، وَكَانَ عمر نذر اعْتِكَاف لَيْلَة فِي الْجَاهِلِيَّة، فاستفتى فِي ذَلِك رَسُول ﷺ، وَكَانَ عَاص ابْن وَائِل أوصى أَن يعْتق عَنهُ كَذَا وَكَذَا من العبيد. وَبِالْجُمْلَةِ كَانَ أهل الْجَاهِلِيَّة يتحنثون بأنواع التحنثات، وَأما حج بَيت الله وتعظيم شَعَائِر وَالْأَشْهر الْحرم، فَأمره أظهر من أَن يخفى، وَكَانَ لَهُم أَنْوَاع من الرقى والتعوذات، وَكَانُوا أدخلُوا فِيهَا الاشراك، وَلم تزل سنتهمْ الذّبْح فِي الْحق والنحر فِي اللبة مَا كَانُوا يخنقون، وَلَا يبعجون، وَكَانُوا على بَقِيَّة دين إِبْرَاهِيم ﵇ فِي ترك النُّجُوم وَترك الْخَوْض فِي دقائق الطبيعيات غير مَا ألجأ إِلَيْهِ البداهة، وَكَانَ الْعُمْدَة عِنْدهم فِي تقدمة الْمعرفَة الرُّؤْيَا وبشارات الْأَنْبِيَاء من قبلهم، ثمَّ دخل فِيهِ الكهانة والاستقسام بالازلام والطيرة، وَكَانُوا يعْرفُونَ أَن هَذِه لم تكن فِي أصل الْملَّة، وَهُوَ قَوْله ﷺ حِين رأى صُورَة إِبْرَاهِيم وإسمعيل ﵉ فِي أَيْديهم الازلام: " لقد علمُوا أَنَّهُمَا لم يستقسما قطّ " وَكَانَ بَنو إِسْمَعِيل على منهاج أَبِيهِم إِلَى أَن وجد فيهم عَمْرو بن لحى - وَذَلِكَ قبل مبعث النَّبِي ﷺ قَرِيبا من سَبْعمِائة سنة، وَكَانَت لَهُم سنَن متأكدة يتلاومون على تَركهَا فِي مَأْكَلهمْ وَمَشْرَبهمْ ولباسهم وولائمهم وأعيادهم وَدفن موتاهم ونكاحهم وطلاقهم وعدتهم وإحدادهم، وبيوعهم ومعاملاتهم، وَمَا زَالُوا يحرمُونَ الْمَحَارِم كالبنات والأمهات وَالْأَخَوَات وَغَيرهَا، وَكَانَت لَهُم مزاجر فِي مظالمهم كَالْقصاصِ والديات والقسامة وعقوبات على الزِّنَا وَالسَّرِقَة، وَدخلت فيهم من الاكاسرة والقياصرة عُلُوم الارتفاق الثَّالِث وَالرَّابِع، لَكِن دخلهم الفسوق والتظالم بِالسَّبْيِ والنهب وشيوع الزِّنَا والنكاحات الْفَاسِدَة والربا، وَكَانُوا تركُوا الصَّلَاة وَالذكر، وأعرضوا عَنْهُمَا فَبعث النَّبِي ﷺ

1 / 222