214

Al-ḥujja lil-qurrāʾ al-sabʿa

الحجة للقراء السبعة

Editor

بدر الدين قهوجي - بشير جويجابي

Publisher

دار المأمون للتراث

Edition Number

الثانية

Publication Year

١٤١٣ هـ - ١٩٩٣م

Publisher Location

دمشق / بيروت

Genres

Qur’an
الْمُنافِقُونَ وَالْمُنافِقاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ [التوبة/ ٦٧]، أي بعضهم يلابس بعضا ويوالي بعضا. وليس المعنى على النسل والولادة، لأنه قد يكون من نسل المنافق مؤمن، ومن نسل المؤمن منافق. فهذا كقوله: الْمُنافِقُونَ وَالْمُنافِقاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ [التوبة/ ٦٧]. وكذلك قوله: ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ [آل عمران/ ٣٤] أي بعضها يوالي بعضا، ولا يتبرأ بعضهم من بعض. ويجوز في قوله: بعضها من بعض- أن يكون المعنى:
أنّهم في الآخرة متوالون، لا يتبرّأ بعضهم من بعض، كما يتبرأ الكافرون والفاسقون. ألا تراه قال: إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا [البقرة/ ١٦٦] وفَما لَنا مِنْ شافِعِينَ
وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ
[الشعراء/ ١٠٠] ونحو ذلك من الآي التي تدلّ على هذا المعنى فقوله: ذرّية بعضها من بعض، أي: هم على خلاف صفة المنافقين والكافرين، لأنّهم إخوان متوالون.
فأمّا قوله: وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمانِكُمْ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ [النساء/ ٢٥] فقد يكون المعنى والله أعلم: بإيمانكم بعضكم من بعض، أي: بعضكم يوالي بعضا ويلابس بعضا في ظاهر الحكم من حيث شملكم الإسلام فاجتمعتم فيه وصرتم متكافئين متماثلين لجمع الإسلام لكم، واستوائكم في حكمه في الديات والقصاص والمناكح والتّوارث ونحو هذا، مما جمعهم الإيمان فيه. وقال:
إذا حاولت في أسد فجورا ... فإني لست منك ولست مني
«١»

(١) البيت للنابغة الذبياني يخاطب عيينة بن حصن الفزاري، وكان قد دعاه وقومه إلى مقاطعة بني أسد ونقض حلفهم، فأبى عليه وتوعده بهم. وأراد

1 / 172