فضحك صفوت من أعماقه، وقال: نسيت أنني أخاطب رجلا هواه مع جيش إسرائيل ضد جيش مصر.
فتساءل وهو لا يخلو من شعور بالاستياء: أهذا هو تصويرك لموقفي؟ - المسألة مسألة موقف وطني قبل كل شيء. - أي موقف وطني! إما الديمقراطية أو الاشتراكية، أمريكا أو روسيا، وإذا كان من حقكم أن تحبوا روسيا، فلم لا يكون من حقنا أن نحب أمريكا؟!
فقال صفوت بجدية: المهم ما يريده الشعب. - أي شعب؟ - الشعب؛ الشعب التحتاني الذي لا تعرفه.
وفاض قلبه بالتهكم والمرارة، والكراهية والسخط، وفي تلك اللحظة كره كل شيء، حتى الحديقة التي تضوع بشذا زهر البرتقال، والليل الرطيب، وصفوت مرجان، وحتى نهاد الرحماني، وقال لنفسه: صبرا، ففي غمضة عين قد تقع كارثة لا تخطر على بال!
27
شهدت عليات حفلي زواج في أسبوع واحد؛ حفل متواضع جمع بين أخيها الضرير وسنية، وحفل أقيم في بهو عمر الخيام جمع بين منى زهران وسالم علي. وقالت إنه مهما يكن من شأن الصداقة التي تربطها بسنية ومنى، فلن تبقى هي هي بعد الزواج، هكذا تعلمت من تجارب سابقة، فشعرت بفراغ مروع لم تشعر بمثله من قبل. وكرهت فكرة العودة إلى اللهو والعبث، فالحق أنها كانت تتوق إلى الحب. وزارت الأستاذ حسني حجازي مساء بناء على دعوة تلقتها منه تليفونيا، وهي في الوزارة. تلقاها بحنان قبل وجنتيها، وهو يقول: توقعت أن تزوريني من زمن!
لما لم تجب سألها: ماذا تفعلين؟
فقالت بفتور: آكل وأشرب وأنام. - يجب أن نتعلم من مرارة الأيام التي نتجرعها ألا نحزن أكثر مما ينبغي مهما يكن المصاب!
فقالت بالفتور نفسه: إني أتعلم، ولكن التعليم كما تعلم يحتاج إلى زمن. - أنت شجاعة، وأنا مطمئن إلى مستقبلك.
وضحكت على رغمها، فنظر إليها مستطلعا: ماذا أضحكك؟ - ما أجملك في ثوب الواعظ!
Unknown page