فقال برضى وفي غير ما حماس: الستر مطلوب، ولكن العريس - مثلها - لم يتوظف بعد! - هكذا تجري الأمور في هذه الأيام. - ولكني رجل مثقل بالأعباء، والابن الوحيد الذي أتم دراسته مجند في الجبهة كما تعلم.
فقال حسني حجازي بثقة: ابنتك متعلمة وهي تدرك ذلك كله ، وماذا يقال عن العريس؟
فقال الرجل بامتعاض: على الحديدة. حال أبيه كحالي، وهو كاتب في محل تجاري! - جند؟ - معفى؛ لأنه وحيد أبويه.
ثم مستدركا: بقية ذريته بنات، وإحداهن زميلة وصديقة حميمة لعليات.
وهنئ الأستاذ مليا بتدخين النارجيلة، ومضى يقول لنفسه إن النادل الطيب يعيش أيضا في أسطورة، وإن الحقيقة خليقة بأن تصعقه، وإن أخلاقنا غير حقيقية، وهي تقوم على الريح. وقال لعم عبده: توجد فتيات ذكيات، يفضلن الاقتران بالكهول الأغنياء، طلبا للاستقرار في الحياة.
فهز الرجل رأسه في حيرة وقال: لا أدري. - على أي حال، فإن كريمتك ليست واحدة منهن. - ربنا معها.
فقال الأستاذ حسني، وهو يداري بسمة ساخرة: آمين.
فقال عم عبده بدران بحماس طارئ: عليات فتاة عالية الهمة، سعت إلى الرزق، حتى وهي طالبة، واكتسبت نقودا لا بأس بها من الترجمة، فاستطاعت أن تظهر في الجامعة بالمظهر اللائق، الذي لم يكن في مقدوري توفيره لها. - فتاة عالية الهمة حقا! - ولكن هل ادخرت من النقود ما يكفي لتجهيز ولو حجرة واحدة؟ - هذه هي المسألة! - أما هي فلا يهمها ذلك على الإطلاق.
فضحك حسني حجازي، وقال: جيل يستحق التحية والإكبار.
وسرحت خواطره إلى شقته الأنيقة بشارع شريف، فقال لنفسه بأن الصراع الحقيقي في هذه الحياة هو ما يقوم بين الحقائق والأساطير. وقال له عم عبده: سعادتك لم تفكر في الزواج أبدا؟ - أبدا.
Unknown page