وأراد أن يدلل على قدرة الله، فقال: ربك كبير، أتصدق أنني ضاجعت الولية ليلة أمس مرتين؟
فذهل الأستاذ حسني وهتف: مرتين؟! - وحق كتاب الله! - عوفيت .. عوفيت يا عشماوي! - فلا تيئسوا من رحمة الله!
وضحك حسني عاليا، ونظر صوب عبده بدران، فأحنى رأسه مصدقا! وعاد عشماوي يقول: لم حصل ما حصل؟ لأننا خسرنا الدين والأخلاق!
وقال حسني لنفسه: ولكن ما الأخلاق؟ أزمتكم الحقيقية أنكم في حاجة إلى أخلاق جديدة!
7
اكتظت ناصية الأمريكين فلا موضع لقدم. تلاصق الشبان تحت الأضواء، وانحصر المارة بين الأجسام الحارة الفتية. وقل الكلام أو انعدم، وحملقت الأعين وتحركت بعض السيقان بالرقص الخفيف. وثار سالك بحريمه في عباب الزحام غضبا لكرامته الشخصية فيما بدا، وصاح: اخجلوا من أنفسكم، واذهبوا إلى الجبهة إن كنتم رجالا!
ولم يخجل أحد فيما بدا أيضا. وتساءل صوت: لم يريد أن يرسلنا إلى الجبهة قبل الأوان؟
وقال صوت آخر ساخرا: لعله يظن أنهم يرسلون النساء والكهول!
وشبعت شلة من وقفتها، فانسحبت من معسكرها، ومضت إلى «جنيفا»، فتجمعوا حول بضع زجاجات من البيرة، وجعلوا يشربون ويتكلمون كما يحلو لهم، وغالبا بلا ضابط ولا نظام، غير أن مرزوق أنور تولى مهمة ملء الأقداح وتوزيعها. - مشكلة الجنس في ...
قاطعه: في الجبهة مشكلة أهم. - إنما أتكلم عن المشكلات الداخلية. - دعه يتكلم، المقاطعة ممنوعة. - حدثني أحد الكبار، فقال إنه كان يوجد على أيامهم بغاء رسمي. - زماننا أفضل، فالجنس فيه كالهواء والماء! - الماء لا يصل إلى الأدوار العليا. - ولكنه يصل إلى الأدوار السفلى! - ليس كالهواء والماء، فالبنات تعلمن الاستغلال. - إنها ضرورات العصر. - البراءة تنهزم أمام السيارة مثلا. - توجد دائما فرص طيبة. - كما توجد الباصات. - وحفلات الساعة الثالثة في السينما. - لا أهمية لذلك، المهم هل الله موجود؟ - ولم تريد أن تعرف؟ - كان شغلنا الشاغل الوحدة العربية والوحدة الأفريقية. - وما دخل ذلك في وجود الله؟ - أصبح شغلنا الشاغل متى وكيف نزيل آثار العدوان. - معي دقيقة واحدة، أهو موجود؟ - كانت أياما مجيدة. - كانت حلما. - بل كانت وهما. - ويضيقون بوقوفنا دقائق في الناصية! - الكلاب! - إذا قدر لليهود أن يخرجوا فمن سيخرجهم غيرنا؟ - من يقتل كل يوم غيرنا؟ - ومن قتل عام 1956؟ من قتل في اليمن؟ من قتل عام 1967؟ - يظن العجوز أن المحافظة على بنت نصف عارية هي كل شيء! - علينا أن نبدأ من الصفر! - أن تزاح عن صدورنا الكوابيس. - لا أحد يريد أن يجيبني، أهو موجود؟ - طيب يا أخي، إذا حكمنا بالفوضى الضاربة في كل مكان، فلا يجوز أن يوجد! - أليس من الجائز أنه يملك ولا يحكم؟ - يكفي أن يكون المصريون من عباده لكي يملك ويحكم! - أأنت شارع في الزواج حقا؟ - نعم. خذ قدحك. - لماذا؟ - لأني أحب. - وما العلاقة بين هذا وذاك؟ - يجب أن نفعل شيئا على أي حال. - بماذا نفسر تفشي الزواج المبكر بين الشبان؟ - بالفقر! - بالموت! - بنظام الحكم! - سنضطر إلى الوقوف غدا من شدة الزحام. - أليس من الأفضل أن نهاجر بدلا من أن نتزوج؟ - الزواج هجرة داخلية. - الحق أنه يلزمنا شيء من انتهازية الأجيال السابقة. - لا غنى عنها في الزحام. - إذن فلماذا يخشى العالم الحرب؟ - ليست الحرب بأفظع ما يتهدد العالم. - أيوجد ما هو أفظع؟ - الفرد غير آمن تماما بين أهله، والأسرة تخشى الجيران، والوطن مهدد من أوطان شتى، والعالم يحيط به عالم خفي من الكائنات الضارة، والأرض قد يخربها خلل بالمجموعة الشمسية، والمجموعة الشمسية قد تنفجر وتختفي في ثوان. - أنت مجنون! - ولكن علينا أن نضحك، وألا نسمح لشيء بأن يفسد علينا حياتنا الغالية. - آمين. - آمين. - آمين.
Unknown page