حتى لا نخطئ فهم القرآن
حتى لا نخطئ فهم القرآن
Genres
ـ[سلسلة حتى لا نخطئ فهم القرآن]ـ
المؤلف: محمود محمد غريب: من علماء الأزهر الشريف والموجه الديني لشباب جامعة القاهرة
عدد الأجزاء: ١
[الكتاب مرقم آليا]
أعده للشاملة: أبو إبراهيم حسانين
1 / 1
الوحدة الموضعية في القرآن الكريم
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى وسلام على النبيِّ المصطفى
أما بعد.
الدارس للقرآن الكريم يرى أن السورة القرآنية تمثل وحدة متكاملة في مضمونها بحيث تعالج الهدف الذي نزلت من أجله علاجا واضحا
وهي مع ذلك ترتبط بالسورة التي قبلها في ترتيب المصحف ارتباط الجار الكريم بجاره الملاصق له بحيث لو رفعنا الفاصل بين السورتين
وهو البسملة - بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ -
لوجدنا وحدة بين السورتين كاملة فضلا عن الارتباط الكبير الذي بين آيات الموضوع الواحد في كل القرآن فبين آيات السورة انسجام
وبين السورة والسورة المجاورة لها ارتباط وبين آيات الموضوع الواحد
- كالجهاد - والصلاة - والمواعظ - تكامل
وقد اخترت سورة الواقعة مثالا لذلك.
فهي تأتي بعد سورة الرحمن لأنها تتحد معها في أغراض كثيرة
فسورة الرحمن تتحدث عن الكون. . . . من إنسان وشمس وقمر وأرض.
وسورة الواقعة تتحدث عن نهاية. . . . الإنسان والشمس والقمر والأرض
وسورة الرحمن تتحدث عن ملامح النهاية والجنة والنار
وهو نفس الهدف الذي تهدف إليه سورة الواقعة
وسورة الرحمن تختم بقوله تعالى
﴿تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ﴾
فلو رفعنا من القرآن - بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ -
لكان المعنى منسجما تمام الانسجام لأنَّ الجلال لله تعالى في الدنيا والآخرة
ولكنه أكمل ما يكون الجلال ﴿إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ﴾ الواقعة١ لأنَّ سلطانه المطلق يومها لا ينكره أحد. .
قال تعالى: ﴿يَوْمَ هُم بَارِزُونَ لَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِّمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ﴾
1 / 2
أما انسباك آيات السورة مع بعضها فنجد سورة الواقعة تعالج موضوع البعث والجزاء. . . .
وهي مقسّمة إلى الأقسام الآتية:
مقدمة. . . . . . . . . . . وفصول ثلاثة. . . . . . . . . . . وخاتمة. . . . . . . . . . . . .
أما المقدمة: -
فتتحدث عن نهاية العالم وعن التغيير الذي سيحدث للكون. . . .
﴿يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ وَبَرَزُواْ للهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ﴾ إبراهيم ٤٨
﴿إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ (١) لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ (٢) خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ (٣) إِذَا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا (٤) وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا (٥) فَكَانَتْ هَبَاءً مُنْبَثًّا (٦﴾
والمقدمة تنتهي عند الآية رقم (٦) فَكَانَتْ هَبَاءً مُنْبَثًّا (٦﴾
ثم يأتي الفصل الأول:
وهو يقسم الناس إلى أقسام ثلاثة وهم: -
أصحاب الميمنة
وأصحاب المشأمة
والسابقون
ويذكر جزاء كل قسم وسبب استحقاقهم هذا الجزاء
﴿وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ. فِي سِدْرٍ مَّخْضُودٍ. وَطَلْحٍ مَّنضُودٍ. وَظِلٍّ مَّمْدُودٍ. وَمَاء مَّسْكُوبٍ. وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ. لَّا
مَقْطُوعَةٍ وَلَا مَمْنُوعَةٍ. وَفُرُشٍ مَّرْفُوعَةٍ. إِنَّا أَنشَأْنَاهُنَّ إِنشَاء. فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا. عُرُبًا أَتْرَابًا. لِّأَصْحَابِ الْيَمِينِ. ثُلَّةٌ مِّنَ
الْأَوَّلِينَ. وَثُلَّةٌ مِّنَ الْآخِرِينَ﴾
الواقعة ٢٧ - ٤٠
﴿وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ مَا أَصْحَابُ الشِّمَالِ (٤١) فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ (٤٢) وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ (٤٣) لَا بَارِدٍ وَلَا كَرِيمٍ (٤٤) إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُتْرَفِينَ (٤٥) وَكَانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنْثِ الْعَظِيمِ (٤٦) وَكَانُوا يَقُولُونَ أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ (٤٧) أَوَآبَاؤُنَا الْأَوَّلُونَ (٤٨) قُلْ إِنَّ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ (٤٩) لَمَجْمُوعُونَ إِلَى مِيقَاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ (٥٠) ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضَّالُّونَ الْمُكَذِّبُونَ (٥١) لَآكِلُونَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ (٥٢) فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ (٥٣) فَشَارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَمِيمِ (٥٤) فَشَارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ (٥٥) هَذَا نُزُلُهُمْ يَوْمَ الدِّينِ (٥٦)﴾
1 / 3
﴿وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ (١٠) أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ (١١) فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (١٢) ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (١٣) وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ (١٤) عَلَى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ (١٥) مُتَّكِئِينَ عَلَيْهَا مُتَقَابِلِينَ (١٦) يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ (١٧) بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ (١٨) لَا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلَا يُنْزِفُونَ (١٩) وَفَاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ (٢٠) وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ (٢١) وَحُورٌ عِينٌ (٢٢) كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ (٢٣) جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (٢٤) لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا تَأْثِيمًا (٢٥) إِلَّا قِيلًا سَلَامًا سَلَامًا (٢٦)﴾
الواقعة ١٠ - ٢٦
وينتهي هذا الفصل بقوله تعالى: (هَذَا نُزُلُهُمْ يَوْمَ الدِّينِ)
الفصل الثاني: -
يناقش المنكرين للبعث. . .
ويسوق أدلة واضحة على البعث مستخدما عناصر الطبيعة المعلومة لدى الجميع وهي: -
(١) الجنين
وكيف أن الله تعالى يكونه في بطن أم بدون تدخل من أحد.
﴿نَحْنُ خَلَقْنَاكُمْ فَلَوْلَا تُصَدِّقُونَ. أَفَرَأَيْتُم مَّا تُمْنُونَ. أَأَنتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ. نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ.
عَلَى أَن نُّبَدِّلَ أَمْثَالَكُمْ وَنُنشِئَكُمْ فِي مَا لَا تَعْلَمُونَ. وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولَى فَلَوْلَا تَذكَّرُونَ﴾
الواقعة ٥٧ - ٦٢
(٢) الزرع
1 / 4
وكيف أن الله تعالى. . . . . يد القدر الأعلى. . . . . ترعاه فتغذيه وتحافظ عليه
﴿أَفَرَأَيْتُم مَّا تَحْرُثُونَ. أَأَنتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ. لَوْ نَشَاء لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ. إِنَّا لَمُغْرَمُونَ. بَلْ نَحْنُ
مَحْرُومُونَ﴾
الواقعة ٦٣ - ٦٧
(٣) الماء
وكيف أن الله تعالى يسوقه إلى البلد الميت وينزله غيثا
﴿أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاء الَّذِي تَشْرَبُونَ. أَأَنتُمْ أَنزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنزِلُونَ. لَوْ نَشَاء جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا فَلَوْلَا تَشْكُرُونَ﴾
الواقعة ٦٨ - ٧٠
(٤) النار
ومظهر قدرة الله تعالى فيها كبير
﴿أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ. أَأَنتُمْ أَنشَأْتُمْ شَجَرَتَهَا أَمْ نَحْنُ الْمُنشِؤُونَ. نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً وَمَتَاعًا لِّلْمُقْوِينَ﴾
الواقعة ٧١ - ٧٣
ونلاحظ أن رجل الشارع. . . . . . . . .
يعرف عناصر المناقشة الأربعة
كما أن الدارس في أرقى البلاد. . . . . . . . .
يدرك عظمة الصانع الحكيم فيها
وبسرعة يأمر القرآن العاقل أن
يسـ ـبح
﴿فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ﴾
الواقعة ٧٤
سبحان ربّي العظيم وبحمده عدد خلقه ورضاء نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته
الفصل الثالث: -
وهو يبدأ بالقسم بمواقع النجوم على كرم القرآن ونزوله من عند الله تعالى. . .
﴿فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ. وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَّوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ. إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ. فِي كِتَابٍ مَّكْنُونٍ. لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ. تَنزِيلٌ مِّن
رَّبِّ الْعَالَمِينَ﴾
الواقعة ٧٥ - ٨٠
وللقسم أثر عظيم في النفس
ومن الظريف أنني رأيت بعض المنكرين لوجود الله تعالى. . . يقسم في حديثه بالله العظيم!!!!
1 / 5
ثم يتكلم القرآن عن الروح مظهرا ضعف الدنيا أمام سرها العجيب
﴿فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ (٨٣) وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ (٨٤) وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلَكِنْ لَا تُبْصِرُونَ (٨٥) فَلَوْلَا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ (٨٦) تَرْجِعُونَهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (٨٧)﴾
الواقعة ٨٣ - ٨٧
وعجز الناس عن عودة الروح إلى الجسد كافٍ في أثبات البعث والجزاء
ثم تأتي الخاتمة وهي ترد العجز إلى الصدر
وتقسم الناس - مرة أخرى - إلى ثلاثة أقسام
والذي أرتاح له ويتفق مع فهمي للقرآن. . . .
أن نهاية السورة لا تكرر أولها
لأنَّ القرآن لا تكرار فيه (إلا لفائدة)
فكيف نفهم خاتمة السورة بعيدا عن التكرار؟؟؟
نلاحظ أن أول السورة قسم الناس إلى (أصحاب الميمنة وأصحاب المشأمة والسابقين)
هذا التقسيم جاء بعد نهاية الدنيا. . . .فهو بيان لدرجات الناس في الآخرة. . . . .
أما آخر السورة وهو قوله تعالى: -
﴿فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ (٨٨) فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّتُ نَعِيمٍ (٨٩) وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ (٩٠) فَسَلَامٌ لَكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ (٩١) وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ (٩٢) فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ (٩٣) وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ (٩٤)
الواقعة ٨٨ - ٩٤
فيأتي بعد بيان نهاية الإنسان
ونهاية الإنسان تفهم من قوله تعالى: -
﴿فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ (٨٣) وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ (٨٤) وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلَكِنْ لَا تُبْصِرُونَ (٨٥) فَلَوْلَا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ (٨٦) تَرْجِعُونَهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (٨٧)﴾
الواقعة ٨٣ - ٨٧
إذن آخر السورة تقسم الناس في القبر إلى الأقسام الثلاثة
أصحاب يمين
وأصحاب شمال
ومقربين
فصدر السورة يتحدث عن الآخرة
وآخر السورة يتحدث عن جزاء القبر
وبذلك فلا تكرار. . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 / 6
وبعد: -
إن القرآن وحدة متكاملة وآياته حبات عقد نوراني لذلك فهو حق اليقين
وأي يقين أوضح من القرآن؟؟؟
أقول ذلك: -
حتى لا تخطئ فهم القرآن
من محاضرات الأستاذ الشيخ محمود غريب
1 / 7
كلُّنا في خدمة النبيِّ صلِّ يا ربِّ عليه وآله وبارك وسلِّم كما تحبه
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى
وسلام على النبيِّ المصطفى
أما بعد
الفئات الثلاثة الناجية
قبل أن أتحدث عن الفئات الناجية هناك حديث
للنبيّ صلِّ يا ربِّ عليه وآله وبارك وسلِّم كما تحبه وترضاه آمين
يكثر سؤال الشباب عنه في كل بلد أزورها أو
يوجهه الشباب لكل ضيف من الدعاة
إنه حديث تنقسم أمتي ثلاثة وسبعين فرقة
رواه أبو داود ولم يروه البخاري ومسلم
وأول الحديث
تنقسم اليهود سبعين فرقة
وتنقسم النصارى اثنين وسبعين فرقة
وتنقسم أمتي إلى ثلاثة وسبعين فرقة
كلها في النار إلا واحدة
فكل جماعة تربي أتباعها على أنها
هي الطائفة الناجية وغيرها في النار
وأحب أن أسأل الشباب
لو قلت لهم إن الطالب الأول أخطا سبعين خطأ
والثاني أخطأ اثنين وسبعين خطأ
والثالث اخطأ ثلاثة وسبعين خطأ
فأي الثلاثة أسوأ؟
لا شك أن الأكثر فرقة هو الأبعد عن الصراط
من أجل هذا لا بد أن نعرف من هي
الأمَّة التي تفترق ثلاثا وسبعين فرقة
قبل أن ننشغل بالبحث عن الفرقة الوحيدة الناجية
هل هي
أمَّة الإجابة أم أمَّة التبليغ؟؟
كلمة أمَّة - محمَّد -
صلِّ يا ربِّ عليه وآله وبارك وسلم كما تحبه وترضاه آمين
تستعمل ويراد بها الذين آمنوا بالله تعالى ورسوله
والكتاب الذي أنزل على رسوله والكتب التي أنزلت من قبل
فورثت هذه الأمَّة هدي الجميع وهذه الآمّة
توحدت في الأرض يوم وحّدت ربها في السَّماء
وقد حفظها الله تعالى من الاختلاف الذي ابتليت
به الأمم السّابقة
فالأمم السّابقة اختلفوا إيمانا وكفرا
1 / 8
قال تعالى: ﴿تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَلَكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا وَلَكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ (٢٥٣)﴾
هذه أمَّة محمَّد صلِّ يا ربِّ عليه وآله وبارك وسلم كما تحبه وترضاه آمين
التي استجابت والخلافات فيها لا تخرج من الدين
ولا توصل للنار
أمَّا أمَّة التبليغ فحجمها حجم كل البشر
الذين أرسل الله إليهم محمَّدا، ومحمَّد قد بعثه الله
لكل العالمين
صلِّ يا ربِّ عليه وآله وبارك وسلم كما تحبه وترضاه آمين
هي أمَّة محمَّد أيضا لأنَّ الله أوجب علينا أن نبلغ دعوته
ولكنهم رفضوا دعوته واختلفوا ثلاثا وسبعين فرقة
والمراد من العدد الكثرة والمبالغة
وليس العدد الحسابي
وهذا موجود في اللغة والقرآن
وقد سميت هذه الأمَّة بمجتمع الإيَّات
أعني يهودية - نصرانية - شيوعية - وجودية -
بهائية قديانية - ألف - إيَّة -
تختلف فيما بينها وتتفق على عدائها للإسلام
وبهذا نفهم أن أمَّة الإجابة ناجية
وأمَّة الإجابة الناجية ثلاث طوائف حددهم القرآن
الطائفة الأولى المهاجرون
جاء هذا في سورة الحشر
﴿لِلْفُقَرَاء الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ﴾
الحشر ٨
وختم الآية الكريمة القرآن بقوله ﴿أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ﴾
الطائفة الثانية إنهم الأنصار
1 / 9
قال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾
الحشر ٩
وختمت الآية الكريمة بقوله تعالى ﴿فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾
الطائفة الثالثة قال تعالى:
﴿وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ﴾
الحشر ١٠
طوائف ثلاثة ناجية
ثمَّ جاء في الآية التي بعدها الحديث عن النفاق
﴿أَلَمْ تَر إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلَا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَدًا أَبَدًا وَإِن قُوتِلْتُمْ لَنَنصُرَنَّكُمْ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ﴾
الحشر ١١
وآخر آية الحشر
﴿وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ﴾
فالذي ليس مهاجرا ولا أنصاري فليكن محبا لهم
وليحذر من النفاق.
والترتيب نفسه جاء في سورة التوبة
﴿وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾
التوبة ١٠٠
إلى هنا ينتهي كلام القرآن الكريم عن الطوائف الثلاث في السورتين
ومجموع آيات القرآن يكمل بعضها بعضا ويفسره
1 / 10
وفي سورة الأنفال
﴿وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللهِ وَالَّذِينَ آوَواْ وَّنَصَرُواْ أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَّهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ﴾
الأنفال ٧٤
أثبت القرآن أن هؤلاء الطوائف الثلاثة هم المؤمنون حقا
فماذا بعد الآيات الكريمات؟؟
في سورة الحشر
بعد أن تكلم عن المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان
أتبع الحديث عن المنافقين
﴿أَلَمْ تَر إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلَا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَدًا أَبَدًا وَإِن قُوتِلْتُمْ لَنَنصُرَنَّكُمْ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ﴾
الحشر ١١
والترتيب نفسه للآيات في سورة التوبة
فبعد أن تحدث القرآن عن السَّابقين الأولين من
المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان
وعن قوله تعالى ﵃ وتكلم عن رضاهم عنه
﴿وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾
آية التوبة ١٠٠
تكلم عن المنافقين
﴿وَمِمَّنْ حَوْلَكُم مِّنَ الأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُواْ عَلَى النِّفَاقِ لاَ تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُم مَّرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ﴾
التوبة ١٠١
فسفينة النجاة في القرآن قاصرة على الطوائف الثلاث
وبعدهم يأتي الحديث عن النفاق.
* * *
المهاجرون قال عنهم ﴿أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ﴾
الأنصار فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾
التابعون لهم بإحسان إلى يوم الدين ﴿وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ﴾
1 / 11
شهد القرآن بتبعيتهم للناجين
ومن أحب قوما حشر معهم
والآية في سورة الأنفال
٧٤ أخبرت أنهم هم المؤمنون حقا
﴿أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ﴾
هذا في الآخرة
وهذا وعد من الله تعالى
﴿إِنَّ اللهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللهِ فَاسْتَبْشِرُواْ بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾
التوبة ١١١
ثمّ يتحدث القرآن عن الفئة الثالثة
في السورة نفسها فيقول
﴿وَالَّذِينَ آمَنُواْ مِن بَعْدُ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ مَعَكُمْ فَأُوْلَئِكَ مِنكُمْ وَأُوْلُواْ الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللهِ إِنَّ اللهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾
الأنفال ٧٥
فالناجون ثلاثة
لا أعرف في سفينة القرآن مكانا لغيرهم
فكن معهم
فمن أحب قوما حشر معهم
فمع أيّ جماعة من الثلاث كنت فأنت ناجٍ
القرآن يشهد لهم
هل الذين شهد القرآن لهم في حياتهم كأبي بكر رضي الله تعالى عنه
الذي سمّاه القرآن (أُوْلُوا الْفَضْلِ)
في سورة النور بإجماع المفسرين لأنَّ الآية نزلت في مقام الحديث
عن براءة أم المؤمنين السَّيِّدة عائشة رضي الله تعالى عنها وأرضاها
هل بعد شهادة القرآن شهادة؟!!!
﴿وَلَا يَأْتَلِ أُوْلُوا الْفَضْلِ مِنكُمْ وَالسَّعَةِ أَن يُؤْتُوا أُوْلِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾
النور ٢٢
1 / 12
- (ولا يأتل) يحلف (أولوا الفضل) أصحاب الغنى (منكم والسعة أن) لا (يؤتوا أولي القربى والمساكين والمهاجرين في سبيل الله) نزلت في أبي بكر حلف أن لا ينفق على مِسْطَح وهو ابن خالته مسكين مهاجر بدري لما خاض في الإفك بعد أن كان ينفق عليه وناس من الصحابة أقسموا أن لا يتصدقوا على من تكلم بشيء من الإفك (وليعفوا وليصفحوا) عنهم في ذلك (ألا تحبون أن يغفر الله لكم والله غفور رحيم) للمؤمنين قال أبو بكر بلى أنا أحبُّ أن يغفر الله لي ورجع إلى مِسْطَح ما كان ينفقه عليه
هل قال القرآن هذا وهو يعلم على أي شيء سيموت أبو بكر
أم أن خاتمته غابت عن الله تعالى؟؟
حاش لله تعالى
المهم أن نسأل هؤلاء: -
هل يؤمنون بأن هذا القرآن منزّل من عند الله تعالى؟؟
وعمر رضي الله تعالى عنه
الذي كان القرآن ينزل مؤيدا رأيه حتى لو خالف رأي النبيّ
صلِّ يا ربِّ عليه وآله وبارك وسلِّم كما تحبه وترضاه آمين
الذي يمتلئ رحمة ويقدمها على كل حال آخر
فهو الرحمة المهداة
﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ﴾
إن الأمور الكبيرة تحتاج مع الرحمة إلى حكمة عمر
وكم يفرح الأستاذ بنبوغ تلميذه!!
فعمر امتداد للنبيّ وعمر آمن بالنبي ّمحمَّد
صلِّ يا ربِّ عليه وآله وبارك وسلِّم كما تحبه وترضاه آمين
بينما آمن أبو بكر بمحمَّد النبيّ
صلِّ يا ربِّ عليه وآله وبارك وسلِّم كما تحبه وترضاه آمين
كما قال عبقري عصره الأستاذ عباس محمود العقاد
والفارق بين المنهجين كبير
محمَّد النبيّ أو النبيّ محمَّد
رأي عمر في صلاة النبيّ على رأس المنافقين
كان عمر يطلب من النبيّ أن لا يصلي عليه
(رأس المنافقين)
والنبيّ يقول إن الله تعالى خيرني ولم ينهنِ
حتى نزل القرآن بالنهي الصّريح
موافقا رأي عمر
ورأي عمر في أسرى بدر معروف
هل يريدون أن نربي أبنائنا
على كره هؤلاء العظماء؟
فماذا بقي لأبنائنا من قدوة؟؟
1 / 13
إن صحفيا في بلد عربي يطلب من المثقفين
أن يحاكموا أبو بكر لأنه حارب المرتدين عن الإسلام
وهم في رأيه أحرار الفكر
وهذا الصحفي لماذا لم يكن من أحرار الفكر؟؟
هل يخاف من أبي بكر جديد؟
أقول له اطمئن لحساب من كان يعمل هؤلاء الخلفاء الأربعة؟؟
إن أحد الذين باعوا أنفسهم في سوق الرقيق
سمعته على الانترنيت يقول
هل الجنة - زريبة -
حتى يدخلها هؤلاء العشرة الذين بشرهم النبيُّ بالجنة؟؟
أقول له اطمئن سيدخل الجنة من يؤمن بأن الدولارات تبيح
المحذورات!!
ومن مات من أجل الدولارات مات شهيدا!!
اسأل الله تعالى أن يعيدك لدينك وعقلك ومن هم
على شاكلتك
وأن يعالج الفقر النفسي الذي جعلهم يدافعون في
قضية خاسرة وعندهم - أَكْلُ الخبز فنون -
والذين اشتروه يعلمون أنه كاذب ولسانه لمن يدفع أكثر
والمسألة عندهم دنيا فقط
إن مدح القرآن لصحابة النبيّ
صلِّ يا ربِّ عليه وآله وبارك وسلِّم كما تحبه وترضاه آمين
وثيقة وقَّع عليها ربُّ العالمين سبحانه
فهل كان يعلم ما سيموتون عليه أم لا؟؟؟؟
إن الله تعالى فرق في القرآن بين المشركين
الذين سيمتد عمرهم حتى يدخلوا في الإسلام
وبين الذين سيموتون على الكفر
خالد بن الوليد
هو سبب هزيمة المسلمين في معركة أُحُدٍ
ومع ذلك لم ينزل فيه وعيد
بينما نزل وعيدٌ شديد في أبيه الوليد بسبب كلمة
قالها في القرآن
1 / 14
﴿ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا (١١) وَجَعَلْتُ لَهُ مَالًا مَمْدُودًا (١٢) وَبَنِينَ شُهُودًا (١٣) وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيدًا (١٤) ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ (١٥) كَلَّا إِنَّهُ كَانَ لِآيَاتِنَا عَنِيدًا (١٦) سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا (١٧) إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ (١٨) فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ (١٩) ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ (٢٠) ثُمَّ نَظَرَ (٢١) ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ (٢٢) ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ (٢٣) فَقَالَ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ (٢٤) إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ (٢٥) سَأُصْلِيهِ سَقَرَ (٢٦)﴾
المدثر ١١ - ٢٦
النتيجة العادلة
﴿سَأُصْلِيهِ سَقَرَ﴾
وأبو سفيان
حارب الإسلام واحدا وعشرين عاما
حاربه محليا وعشائريا ودوليا
ومع ذلك لم ينزل فيه وعيد بالنار
بينما نزل في أخته وزوجها
﴿تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (١) مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ (٢) سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ (٣) وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ (٤) فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ (٥)﴾
المسد ١ - ٥
فمن يمكنه أن يرد شهادة الله تعالى لأصحاب النبيِّ ﷺ
﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا. مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا﴾
الفتح ٢٨ - ٢٩
1 / 15
"هو الذي أرسل رسوله محمدًا ﷺ، بالبيان الواضح ودين الإسلام؛ ليُعْليه على الملل كلها، وحسبك - أيها الرسول - بالله شاهدًا على أنه ناصرك ومظهر دينك على كل دين.
محمَّد رسول الله، والذين معه على دينه أشداء على الكفار، رحماء فيما بينهم، تراهم ركعًا سُجَّدًا لله في صلاتهم، يرجون ربهم أن يتفضل عليهم، فيدخلهم الجنة، ويرضى عنهم، علامة طاعتهم لله ظاهرة في وجههم من أثر السجود والعبادة، هذه صفتهم في التوراة. وصفتهم في الإنجيل كصفة زرع أخرج ساقه وفرعه، ثم تكاثرت فروعه بعد ذلك، وشدت الزرع، فقوي واستوى قائمًا على سيقانه جميلا منظره، يعجب الزُّرَّاع؛ ليَغِيظ بهؤلاء المؤمنين في كثرتهم وجمال منظرهم الكفارَ.
وفي هذا دليل على كفر من أبغض الصحابة ﵃
لأن من غاظه الله بالصحابة، فقد وُجد في حقه موجِب ذاك، وهو الكفر. وعد الله الذين آمنوا منهم بالله ورسوله وعملوا ما أمرهم الله به، واجتنبوا ما نهاهم عنه، مغفرة لذنوبهم، وثوابًا جزيلا لا ينقطع، وهو الجنة.
ووعد الله حق مصدَّق لا يُخْلَف، وكل من اقتفى أثر الصحابة ﵃ فهو في حكمهم في استحقاق المغفرة والأجر العظيم، ولهم الفضل والسبق والكمال الذي لا يلحقهم فيه أحد من هذه الأمة، ﵃ وأرضاهم" اهـ.
التفسير الميسر
وفي السورة نفسها
﴿لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا﴾
الفتح ١٨
لقد رضي الله عن المؤمنين حين بايعوك
- أيها النبيّ - تحت الشجرة
(وهذه هي بيعة الرضوان في "الحديبية")
فعلم الله ما في قلوب هؤلاء المؤمنين
من الإيمان والصدق والوفاء
فأنزل الله الطمأنينة عليهم وثبَّت قلوبهم، وعوَّضهم عمَّا فاتهم بصلح "الحديبية" فتحًا قريبًا، وهو فتح "خيبر"،
هل هناك قوة في الأرض يمكنها أن تلغي هذا الرضوان؟؟
1 / 16
إن سببها أنه قد أشيع أنَّ عثمان قد قتلته قريش
فالسَّماء والأرض أعطت البيعة على القتال
والسَّماء أهدتهم الرضوان!!
أخي القارئ الكريم
لا تجعل من نفسك قاضيا في هذه القضية
واتركهم جميعا لله تعالى
﴿أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِن دُونِهِ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ﴾
الزمر ٣٦
إنَّ النبيَّ صلِّ يا ربِّ عليه وآله وبارك وسلِّم كما تحبه وترضاه آمين
قال: "يأتي يوم القيامة على القاضي العادل يتمنى لو لم يحكم بين اثنين في تمرة"
القاضي عادل والتركة تمرة!!
فكيف أحكم بين خير أمَّة أخرجت للناس؟؟
للأستاذ الشيخ محمود غريب
بيسير من التصرف
مركز السلطان قابوس للثقافة الإسلامية
- سلطنة عمان -
فائدة
ذكر أبو حامد الغزالي في كتابه " التفرقة بين الإيمان والزندقة " أن النبي ﷺ قال: " ستفترق أمتي نيفا وسبعين فرقة، كلهم في الجنة إلا الزنادقة، وهي فرقة ".
هذا لفظ الحديث في بعض الروايات.
قال: وظاهر الحديث يدل على أنه أراد الزنادقة من أمته، إذ قال: ستفترق أمتي، ومن لم يعترف بنبوته فليس من أمته، والذين ينكرون أصل المعاد والصانع، فليسوا معترفين بنبوته، إذ يزعمون أن الموت عدم محض، وأن العالم لم يزل كذلك موجودا بنفسه من غير صانع، ولا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر، وينسبون الأنبياء إلى التلبيس، فلا يمكن نسبتهم إلى الأمة. انتهى.
1 / 17
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الإسكندرية: أما هذا الحديث فلا أصل له، بل هو موضوع كذب باتفاق أهل العلم بالحديث، ولم يروه أحد من أهل الحديث المعروفين بهذا اللفظ، بل الحديث الذي في كتب السنن والمسانيد عن النبي ﷺ من وجوه أنه قال: " ستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة، واحدة في الجنة، وثنتان وسبعون في النار ".
وروي عنه أنه قال: " هي الجماعة ".
وفي حديث آخر: " هي من كان على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي ". وضعفه ابن حزم، لكن رواه الحاكم في صحيحه، وقد رواه أبو داود والترمذي، وغيرهم قال: وأيضا لفظ الزندقة لا يوجد في كلام النبي ﷺ كما لا يوجد في القرآن، وأما الزنديق الذي تكلم الفقهاء في توبته قبولا وردًّا، فالمراد به عندهم المنافق الذي يظهر الإسلام ويبطن الكفر. انتهى.
1 / 18
قلت: وقد ذكر الحديث الذي ذكره الغزالي الحافظ ابن الجوزي في الموضوعات، وذكر أنه روي من حديث أنس، ولفظه:
" تفترق أمتي على سبعين، أو إحدى وسبعين فرقة كلهم في الجنة إلا فرقة واحدة ".
قالوا: يا رسول الله، من هم؟
قال: " الزنادقة، وهم القدرية ".
أخرجه العقيلي، وابن عدي، ورواه الطبراني أيضا،
قال أنس: كنا نراهم القدرية.
قال ابن الجوزي: وضعه الأبرد بن أشرس، وكان وضاعا كذابا، وأخذه منه ياسين الزيَّات، فقلب إسناده وخلطه، وسرقه عثمان بن عفان القرشي، وهؤلاء كذابون متروكون، وأما الحديث الذي أخبر النبي ﷺ أن أمته ستفترق إلى ثلاث وسبعين فرقة، واحدة في الجنة، واثنتان وسبعون في النار، فروي من حديث أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، وسعد بن أبي وقاص، وابن عمر، وأبي الدرداء، ومعاوية وابن عباس، وجابر وأبي أمامة، وواثلة وعوف بن مالك، وعمرو بن عوف المزني، فكل هؤلاء قالوا: واحدة في الجنة، وهي الجماعة.
ولفظ حديث معاوية ما تقدم، فهو الذي ينبغي أن يعول عليه دون الحديث المكذوب على النبي ﷺ والله أعلم.
1 / 19
(التكرار في القرآن) * * *
قال لي ما سبب التكرار في القرآن؟
قلت له: هل يمكن أن تصور الجامع صورة واحدة تظهر كل جوانبه قال لا. . . لا بد من عدة لقطات من جوانب مختلفة.
قلت: هذا سر التكرار في القرآن.
حتى قول الله تعالى في سورة الرحمن «فبأي آلا ربكما تكذبان» وهي أكثر آية تكررت في سورة واحدة. . . فإن كل مرة تذكر فيها تشير إلى أمر يغاير ما سبقت له في المرة السابقة فهي بعد كل مقطع قرآني في السورة تذّكر بالنعمة التي أشار لها المقطع والقارئ الفاهم للقرآن لا يصعب عليه إدراك ذلك. .
أما التكرار في القصة فيمكنك - قارئي الكريم - أن تدرك سره لو أحضرت مصحفا وقرأت الآيات التي أشير إليها حتى لا يطول المقال بكتابة الآيات.
والقصة التي اخترتها لك: -
- قصة الناقة - وقد ذكرت في السور الآتية - الأعراف. هود. الإسراء. الشعراء. القمر. الشمس. ثم ذكرت في النمل والحجر وفصلت والحاقة إشارة لا تصريحا.
والآن مع الآيات.
سورة الأعراف - ٧٣ - إلى - ٧٩ - والدراس للآيات يراها تكلمت عن النقاط الآتية: -
أولا: ذكرت أن الناقة هي * ناقة الله * نسبها الله إليه تعظيما لها.
ثانيا: ذكرت الجانب الحضاري في عهد ثمود قال تعالى: «وَبَوَّأَكُمْ فِي الْأَرْضِ تَتَّخِذُونَ مِنْ سُهُولِهَا قُصُورًا وَتَنْحِتُونَ الْجِبَالَ بُيُوتًا» .
ثالثا: ذكرت الحوار الذي دار بين المستكبرين والمستضعفين من قوم صالح واستهانة المستكبرين بالمعجزة ثم عقرهم الناقة. . .
ثم تأتي صورة هود آية - ٦١ - إلى - ٦٨ -
فتضيف جانبا جديد من الأخبار:
أولا: حوار القوم مع صالح ﵇ ورده عليهم.
ثانيا: تحدد المدة التي عاشها القوم بعد عقر الناقة بثلاثة أيام» ثم أخذتهم الصيحة.
ثالثا: بينت أن الله نجى صالحا والذين آمنوا معه «فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا صَالِحًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا» . . .
وكل هذه الأخبار جديدة لم تذكر في سورة الأعراف. . . .
1 / 20