Hobbit Wa Falsafa
الهوبيت والفلسفة: حين تفقد الأقزام والساحر وتضل الطريق
Genres
فالجاهل فقط هو من يعيش بمثل هذا الأسلوب المضلل الخادع ويزيد المعاناة. وهكذا، يصبح الطمع في البوذية مظهرا للجهل والوهم؛ إنه نتاج التمرغ في وحل الجهل، الذي يتضمن بدوره الوقوع في أسر التعلق القائم على إشباع شيء ما لا وجود له حقا (النفس). وحين يحل الفهم الصحيح محل الوهم والضلال، يمكن أن تتوقف مظاهر الوهم والانخداع (مثل الاستحواذ والطمع)، وحين لا يتم بلوغ الفهم الصحيح، نصير مثل جولوم.
إذن فالطمع، من منظور تولكين، يعد خللا خلقيا كبيرا، ليس فقط لأنه يغذي الكثير من الحروب وأفعال العنف والظلم، ولكن أيضا لأنه يقدم وعدا زائفا بالسعادة؛ فالطمع مثل سراب في الصحراء، دائما ما ينحسر بعيدا تماما في اللحظة التي نعتقد فيها أننا نقترب منه. وعلى الرغم من أننا كثيرا ما نرى الأثرياء والمشاهير يحيون حياة فوضوية خارجة عن السيطرة، فإننا لا نعي الدرس الواضح من هذا أبدا. أمامك تماما، على مسافة بعيدة عنك قليلا، دائما ما يصدر السراب إشاراته وإغراءاته. (3) مساكن غريبة
لو لم يكن الطمع والاستحواذ طريقين للسعادة الدائمة والمجتمعات القوية التي تنعم بالسلام، فما الطريق لهما إذن؟! يجسد تولكين في رواية «الهوبيت» أربعة مجتمعات تنعم بالسعادة والنظام: شاير، وريفيندل إلروند، ومملكة الغابة الخاصة بجن الغابة، و«مساكن بيورن الغريبة» مع أصدقائه الحيوانات في غابة أشجار البلوط. في موضع آخر، قام واحد منا باستقصاء أسرار الجن للسعادة والمجتمعات المنظمة؛
27
لذا دعونا هنا نستعرض بيورن وبيلبو.
بيورن هو مخلوق يستطيع أن يغير شكله؛ إذ يستطيع من خلال سحره أن يغير نفسه متى شاء إلى هيئة دب عملاق. يحيا بيورن، مع أصدقائه من الحيوانات الذكية المتكلمة، حياة من البساطة الريفية الطبيعية، حيث يقوم بتربية النحل من أجل عسلها، ويتناول غذاء نباتيا، ويتجرع الكثير من شراب الميد المخمر منزليا من آنية شرب خشبية كبيرة، ويرفض صيد الحيوانات الداجنة أو البرية أو أكلها.
ومثلما يشير مايكل برانيجان في الفصل الثاني، توجد تشابهات مثيرة بين تجسيد تولكين لبيورن وبين الفلسفة الطاوية الصينية القديمة؛ فقد شدد الحكماء الطاويون مثل لاو تزو جوانج زي (369-286ق.م) على السعي وراء السعادة والسلام الداخليين من خلال حياة من البساطة، والتناغم مع الطبيعة، والسكينة، والبعد عن الكفاح، والتوفيق بين الضدين (الين واليانج).
مثل بيورن، غالبا ما كان أساتذة الطاوية الأوائل يحيون حياة منعزلة مثل المعتكفين في الغابات، مفضلين حياة من بساطة الطبيعة على تصنع الحضارة وضغوطها ونفاقها. ومثل بيورن، سعى الحكماء الطاويون إلى التغلب على الازدواجيات مثل الطبيعة والإنسان، والإنسان والحيوان. ومثل بيورن، لم يهتموا كثيرا ب «الذهب، والفضة، والجواهر، وصياغة الأشياء بواسطة الحدادة»؛
28
لأن صوت الطاو - حسب اعتقادهم - يسمع في نسمات الصيف الرقيقة ورقرقة الينابيع الجبلية، وليس وسط زئير المواقد الهادرة، أو المطارق الرنانة. ويقول لاو تزو:
Unknown page