163

Tārīkh al-Islām - t Tadmurī

تاريخ الإسلام - ت تدمري

Editor

عمر عبد السلام التدمري

Publisher

دار الكتاب العربي

Edition

الثانية

Publication Year

١٤١٣ هـ - ١٩٩٣ م

Publisher Location

بيروت

Genres

فَقَالَ: لَقَدْ سَمِعْتُ قَوْلَ الْكَهَنَةِ، فَمَا هُوَ بِقَوْلِهِمْ، وَلَقَدْ وَضَعْتُ قَوْلَهُ عَلَى أَقْرَاءِ الشِّعْرِ [١]، فَمَا يَلْتَئِمُ عَلَى لِسَانِ أَحَدٍ بَعْدِي أَنَّهُ شعر، وو الله إِنَّهُ لَصَادِقٌ، وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ.
قَالَ: قُلْتُ لَهُ: هَلْ أَنْتَ كَافِينِي حَتَّى أَنْطَلِقَ [٢] فَأَنْظُرَ؟ قَالَ: نَعَمْ، وَكُنْ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ عَلَى حَذَرٍ، فَإِنَّهُمْ قَدْ شَنِفُوا [٣] لَهُ وَتَجَهَّمُوا، فَأَتَيْتُ مَكَّةَ، فَتَضَعَّفْتُ [٤] رَجُلًا مِنْهُمْ، فَقُلْتُ: أَيْنَ هَذَا الَّذِي تدعونه الصّابئ؟ قال:
فأشار إلى الصّابئ، قال: فَمَالَ عَلَيَّ أَهْلُ الْوَادِي بِكُلِّ مَدَرَةٍ وَعَظْمٍ، حَتَّى خَرَرْتُ مَغْشِيًّا عَلَيَّ، فَارْتَفَعْتُ حِينَ ارْتَفَعْتُ، كَأَنِّي نُصُبٌ أَحْمَرُ [٥]، فَأَتَيْتُ زَمْزَمَ فَشَرِبْتُ مِنْ مَائِهَا، وَغَسَلْتُ عَنِّي الدَّمَ، وَدَخَلْتُ بَيْنَ الْكَعْبَةِ وأستارها، ولقد لبثت يا بن أَخِي ثَلَاثِينَ مِنْ بَيْنِ لَيْلَةٍ وَيَوْمٍ، وَمَا لِيَ طَعَامٌ إِلا مَاءُ زَمْزَمَ، فَسَمِنْتُ حَتَّى تَكَسَّرَتْ عُكَنُ بَطْنِي [٦]، وَمَا وَجَدْتُ عَلَى كَبِدِي سَخْفَةَ جُوعِ [٧] . فَبَيْنَا أَهْلُ مَكَّةَ فِي لَيْلَةٍ قَمْرَاءَ إِضْحِيَانٍ [٨]، قَدْ ضَرَبَ اللَّهُ عَلَى أَصْمِخَةِ [٩] أَهْلِ مَكَّةَ، فَمَا يَطُوفُ بِالْبَيْتِ أَحَدٌ غَيْرُ امْرَأَتَيْنِ [١٠]، فَأَتَتَا عَلَيَّ، وَهُمَا تُدْعَوَانِ إِسَافًا وَنَائِلَةَ، فَأَتَتَا عَلَيَّ فِي طَوَافِهِمَا، فَقُلْتُ: أَنْكِحَا أَحَدَهُمَا الْأَخْرَى، قَالَ: فَمَا تَنَاهَتَا عَنْ قَوْلِهِمَا- وَفِي لفظ: فما ثناهما ذلك عمّا قالتا

[١] في الأصل «أقوال الشعراء»، والتصحيح من صحيح مسلّم.
[٢] في صحيح مسلّم «أذهب» .
[٣] شنفوا: أبغضوا.
[٤] أي نظرت إلى أضعفهم.
[٥] يعني كأنّه الصّم المحمّر من دم الذّبائح.
[٦] عكن بطني: بضم العين وفتح الكاف. جمع عكنة، وهو الطيّ في البطن من السمن.
[٧] سخفة: بفتح السين وضمّها. وهي رقّة الجوع وضعفه وهزاله.
[٨] إضحيان: مضيئة. يقال ليلة إضحيان وإضحيانة، وضحياء ويوم أضحيان.
[٩] وفي صحيح مسلّم «أسمختهم» والصاد أفصح وأشهر. والصّماخ هو الخرق الّذي في الأذن يفضي إلى الرأس.
[١٠] في صحيح مسلّم «امرأتين منهم تدعوان إسافا ونائلة» .

1 / 167