History of Islam - Tadmuri Edition
تاريخ الإسلام - ت تدمري
Investigator
عمر عبد السلام التدمري
Publisher
دار الكتاب العربي
Edition Number
الثانية
Publication Year
١٤١٣ هـ - ١٩٩٣ م
Publisher Location
بيروت
Genres
إِنَّكَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ مَا أَمَرَكَ بِهِ رَبُّكَ عَذَّبَكَ، قَالَ عَلِيٌّ: فَدَعَانِي فَقَالَ: «يَا عَلِيُّ إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَمَرَنِي أَنْ أُنْذِرَ عَشِيرَتِي الأَقْرَبِينَ، فَعَرَفْتُ أَنِّي إِنْ بَادَأْتُهُمْ بِذَلِكَ رَأَيْتُ مِنْهُمْ مَا أَكْرَهُ، فَصَمَتُّ، ثُمَّ جَاءَنِي جِبْرِيلُ فَقَالَ: إِنْ لَمْ تَفْعَلْ مَا أُمِرْتَ بِهِ عَذَّبَكَ رَبُّكَ، فَاصْنَعْ لَنَا يَا عَلِيُّ رِجْلَ شَاةٍ عَلَى صَاعٍ مِنْ طَعَامٍ وَأَعِدَّ لَنَا عُسَّ لَبَنٍ [١]، ثُمَّ اجْمَعْ لِي بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ»، فَفَعَلْتُ، فَاجْتَمَعُوا لَهُ، وَهُمْ يَوْمَئِذٍ أَرْبَعُونَ رَجُلا يَزِيدُونَ رَجُلا أَوْ يَنْقُصُونَ، فِيهِمْ أَعْمَامُهُ أَبُو طَالِبٍ، وَحَمْزَةُ، وَالْعَبَّاسُ، وَأَبُو لَهَبٍ، فَقَدَّمْتُ إِلَيْهِمْ تِلْكَ الْجَفْنَةَ فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مِنْهَا حِذْيَةً [٢]، فَشَقَّهَا بِأَسْنَانِهِ، ثُمَّ رَمَى بِهَا فِي نَوَاحِيهَا وَقَالَ: «كُلُوا بِاسْمِ اللَّهِ»، فَأَكَلَ الْقَوْمُ حَتَّى نَهِلُوا عَنْهُ مَا نَرَى [٣] إِلَّا آثَارَ أَصَابِعِهِمْ، وَاللَّهِ إِنْ كَانَ الرَّجُلُ مِنْهُمْ لَيَأْكُلُ مِثْلَهَا، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «اسْقِهِمْ يَا عَلِيُّ»، فَجِئْتُ بِذَلِكَ الْقَعْبِ [٤]، فَشَرِبُوا مِنْهُ حَتَّى نَهِلُوا جَمِيعًا، وَايْمُ اللَّهِ إِنْ كَانَ الرَّجُلُ مِنْهُمْ لَيَشْرَبُ مِثْلَهُ، فَلَمَّا أَرَادَ النَّبِيُّ ﷺ أَنْ يَتَكَلَّمَ بدره أبو لهب فقال:
لهدّ ما [٥] سَحَرَكُمْ صَاحِبُكُمْ، فَتَفَرَّقُوا وَلَمْ يُكَلِّمْهُمْ، فَقَالَ لِيَ النَّبِيُّ ﷺ مِنَ الْغَدِ: «عُدْ لَنَا يَا عَلِيُّ بِمِثْلِ مَا صَنَعْتَ بِالْأَمْسِ»، فَفَعَلْتُ وَجَمَعْتُهُمْ، فَصَنَعَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ كَمَا صَنَعَ بِالْأَمْسِ، فَأَكَلُوا حَتَّى نَهِلُوا، وَشَرِبُوا مِنْ ذَلِكَ الْقَعْبِ حَتَّى نَهِلُوا، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «يَا بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ إِنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِأَمْرِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ» [٦] . قَالَ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ الْعُطَارِدِيُّ: بَلَغَنِي أَنَّ ابْنَ إِسْحَاقَ إِنَّمَا سمعه
[١] العسّ: القدح الضخم. [٢] حذية: بكسر الحاء المهملة وسكون الذال المعجمة. ما قطع من اللحم طولا، وقيدها في الأصل بضم الحاء. [٣] في السير «فما رئي» . [٤] القعب: القدح الضخم. (تاج العروس ٤/ ٦٣) . [٥] لهدّ: كلمة يتعجّب بها. والنهاية لابن الأثير ٤/ ٢٤٢. [٦] السير والمغازي ١٤٥، ١٤٦ دلائل النبوّة للبيهقي ١/ ٤٢٨- ٤٣٠، مجمع الزوائد ٩/ ١١٣، تاريخ الطبري ٢/ ٣١٩، ٣٢١.
1 / 145