Hilyat al-awliyaʾ wa tabaqat al-asfiyaʾ
حلية الأولياء و طبقات الأصفياء
Publisher
مطبعة السعادة
Publisher Location
بجوار محافظة مصر
حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ شُعَيْبٍ الْأَصْبَهَانِيُّ، ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي سُرَيْجٍ الرَّازِيُّ، ثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى، ثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُهَاجِرٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ لَمَّا أَسَرَ الْأَسْرَى يَوْمَ بَدْرٍ اسْتَشَارَ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ قَالَ: قَوْمُكَ وَعِتْرَتُكَ، فَخَلِّ سَبِيلَهُمْ، فَاسْتَشَارَ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ فَقَالَ: اقْتُلْهُمْ، فَفَادَاهُمْ رَسُولُ اللهِ ﷺ، فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى: ﴿مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى﴾ [الأنفال: ٦٧] الْآيَةَ، فَلَقِيَ رَسُولُ اللهِ ﷺ عُمَرَ فَقَالَ: «كَادَ أَنْ يُصِيبَنَا فِي خِلَافِكَ شَرٌّ»
حَدَّثَنَا أَبُو عَمْرِو بْنُ حَمْدَانَ، ثَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، ثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ الضَّحَّاكِ، ثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ، رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ يَقُولُ: " لَمَّا تُوُفِّيَ عَبْدُ اللهِ بْنُ أُبَيٍّ ابْنُ سَلُولٍ دُعِيَ رَسُولُ اللهِ ﷺ ⦗٤٤⦘ إِلَى الصَّلَاةِ عَلَيْهِ، فَلَمَّا قَامَ يُرِيدُ الصَّلَاةَ عَلَيْهِ تَحَوَّلْتُ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ أَتُصَلِّي عَلَى عَدُوِّ اللهِ ابْنِ أُبَيٍّ ابْنِ سَلُولٍ الْقَائِلِ يَوْمَ كَذَا وَكَذَا، فَجَعَلْتُ أُعَدِّدُ أَيَّامَهُ، وَرَسُولُ اللهِ ﷺ يَتَبَسَّمُ، حَتَّى أَكْثَرْتُ فَقَالَ: " أَخِّرْ عَنِّي يَا عُمَرُ، إِنِّي خُيِّرْتُ فَاخْتَرْتُ، قَدْ قِيلَ: اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ، فَلَوْ أَعْلَمُ أَنِّي زِدْتُ عَلَى السَّبْعِينَ غُفِرَ لَهُ لَزِدْتُ "، ثُمَّ صَلَّى عَلَيْهِ رَسُولُ اللهِ ﷺ وَمَشَى مَعَهُ حَتَّى قَامَ عَلَى قَبْرِهِ وَفَرَغَ مِنْ دَفْنِهِ، فَعَجَبًا لِي وَلِجُرْأَتِي عَلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ، وَاللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، فَوَاللهِ مَا كَانَ إِلَّا يَسِيرًا حَتَّى نَزَلَتْ هَاتَانِ الْآيَتَانِ: ﴿وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا، وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ﴾ [التوبة: ٨٤] الْآيَةَ، فَمَا صَلَّى رَسُولُ اللهِ ﷺ بَعْدَهَا عَلَى مُنَافِقٍ حَتَّى قَبَضَهُ اللهُ ﷿ " قَالَ الشَّيْخُ ﵀: فَأَخْلَى هَمَّهُ فِي مُفَارَقَةِ الْخَلْقِ، فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى الْوَحْيَ فِي مُوَافَقَتِهِ لِلْحَقِّ، فَمَنَعَ الرَّسُولَ ﷺ مِنَ الصَّلَاةِ عَلَيْهِمْ، وَصَفَحَ عَمَّنْ أَخَذَ الْفِدَاءَ مِنْهُمْ لِسَابِقِ عِلْمِهِ مِنْهُمْ وَطَوْلِهِ عَلَيْهِمْ، وَكَذَا سَبِيلُ مَنِ اعْتَقَدَ فِي الْمَفْتُونِينَ الْفِرَاقَ، أَنْ يُؤَيَّدَ فِي أَكْثَرِ أَقَاوِيلِهِ بِالْوِفَاقِ، وَيُعْصَمُ فِي كَثِيرٍ مِنْ أَحْوَالِهِ وَأَفَاعِيلِهِ مِنَ الشِّقَاقِ، وَكَانَ لِلرَّسُولِ ﷺ فِي حَيَاتِهِ وَوَفَاتِهِ مُجَامِعًا، وَلِمَا اخْتَارَ لَهُ فِي يَقَظَتِهِ وَمَنَامِهِ مُتَابِعًا، يَقْتَدِي بِهِ فِي كُلِّ أَحْوَالِهِ، وَيَتَأَسَّى بِهِ فِي جَمِيعِ أَفْعَالِهِ. وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ التَّصَوُّفَ اسْتِقَامَةُ الْمَنَاهِجِ، وَالتَّطَرُّقُ إِلَى الْمَبَاهِجِ
1 / 43