181

Hilyat al-awliyaʾ wa tabaqat al-asfiyaʾ

حلية الأولياء و طبقات الأصفياء

Publisher

مطبعة السعادة

Publisher Location

بجوار محافظة مصر

أَرْبَعَةَ دَرَاهِمَ، فَرَدَّ عَلَيْهِ مِنْهَا دِرْهَمًا، فَقَالَ: يَا عَبْدَ اللهِ لَا تُرَدَّ عَلَيَّ صَدَقَتِي، فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ نَهَانِي أَنْ أَكْنِزَ فُضُولَ الْمَالِ، قَالَ أَبُو سُلَيْمٍ: فَلَقَدْ رَأَيْتُهُ بَعْدُ اسْتَغْنَى حَتَّى أَتَى لَهُ عَاشِرُ عَشَرَةٍ. وَكَانَ يَقُولُ: لَيْتَ أَبَا رَافِعٍ مَاتَ فِي فَقْرِهِ - أَوْ وَهُوَ فَقِيرٌ - قَالَ: وَلَمْ يَكُنْ يُكَاتِبُ مَمْلُوكَهُ إِلَّا بِثَمَنِهِ الَّذِي اشْتَرَاهُ بِهِ
سَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ وَمِنْهُمْ سَابِقُ الْفُرْسِ، وَرَائِقُ الْعُرْسِ، الْكَادِحُ الَّذِي لَا يَبْرَحُ، وَالزَّاخِرُ الَّذِي لَا يَنْزَحُ، الْحَكِيمُ، وَالْعَابِدُ الْعَلِيمُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ سَلْمَانُ ابْنُ الْإِسْلَامِ، رَافِعُ الْأَلْوِيَةِ وَالْأَعْلَامِ، أَحَدُ الرُّفَقَاءِ وَالنُّجَبَاءِ، وَمَنْ إِلَيْهِ تَشْتَاقُ الْجَنَّةُ مِنَ الْغُرَبَاءِ، ثَبَتَ عَلَى الْقِلَّةِ وَالشَّدَائِدِ، لِمَا نَالَ مِنَ الصِّلَةِ وَالزَّوَائِدِ. وَقَدْ قِيلَ: «إِنَّ التَّصَوُّفَ مُقَاسَاةُ الْقَلَقِ فِي مُرَاعَاةِ الْعَلَقِ»
حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، ثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، ثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ، ثَنَا عُمَارَةُ بْنُ زَاذَانَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: " السُّبَّاقُ أَرْبَعٌ: أَنَا سَابِقُ الْعَرَبِ، وَصُهَيْبٌ سَابِقُ الرُّومِ، وَسَلْمَانُ سَابِقُ الْفُرْسِ، وَبِلَالٌ سَابِقُ الْحَبَشَةِ "
حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ أَحْمَدُ بْنُ أَبَتَاهُ بْنِ شَيْبَانَ الْعَبَّادَانِيُّ بِالْبَصْرَةِ، ثَنَا الْحَسَنُ بْنُ إِدْرِيسَ السِّجِسْتَانِيُّ، ثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، ثَنَا الْوَسِيمُ بْنُ جَمِيلٍ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مُزَاحِمٍ، عَنْ صَدَقَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، عَنْ سَلْمَانَ، " أَنَّهُ تَزَوَّجَ امْرَأَةً مِنْ كِنْدَةَ فَبَنَى بِهَا فِي بَيْتِهَا، فَلَمَّا كَانَ لَيْلَةَ الْبِنَاءِ مَشَى مَعَهُ أَصْحَابُهُ حَتَّى أَتَى بَيْتَ امْرَأَتِهِ، فَلَمَّا بَلَغَ الْبَيْتَ قَالَ: ارْجِعُوا آجَرَكُمُ اللهُ، وَلَمْ يُدْخِلْهُمْ عَلَيْهَا كَمَا فَعَلَ السُّفَهَاءُ، فَلَمَّا نَظَرَ إِلَى الْبَيْتِ، وَالْبَيْتُ مُنَجَّدٌ، قَالَ: أَمَحْمُومٌ بَيْتُكُمْ أَمْ تَحَوَّلَتِ الْكَعْبَةُ فِي كِنْدَةَ؟ قَالُوا: مَا بَيْتُنَا بِمَحْمُومٍ وَلَا تَحَوَّلَتِ الْكَعْبَةُ فِي كِنْدَةَ، فَلَمْ يَدْخُلِ الْبَيْتَ حَتَّى نُزِعَ كُلُّ سِتْرٍ فِي الْبَيْتِ غَيْرَ سِتْرِ الْبَابِ. فَلَمَّا دَخَلَ رَأَى مَتَاعًا كَثِيرًا فَقَالَ: لِمَنْ ⦗١٨٦⦘ هَذَا الْمَتَاعُ؟ قَالُوا: مَتَاعُكَ وَمَتَاعُ امْرَأَتِكَ، قَالَ: مَا بِهَذَا أَوْصَانِي خَلِيلِي ﷺ، أَوْصَانِي خَلِيلِي أَنْ لَا يَكُونَ مَتَاعِي مِنَ الدُّنْيَا إِلَّا كَزَادِ الرَّاكِبِ، وَرَأَى خَدَمًا فَقَالَ: لِمَنْ هَذَا الْخَدَمُ؟ فَقَالُوا: خَدَمُكَ وَخَدَمُ امْرَأَتِكَ، فَقَالَ: مَا بِهَذَا أَوْصَانِي خَلِيلِي، أَوْصَانِي خَلِيلِي ﷺ أَنْ لَا أُمْسِكَ إِلَّا مَا أَنْكَحُ، أَوْ أُنْكِحُ، فَإِنْ فَعَلْتُ فَبَغَيْنَ كَانَ عَلَيَّ مِثْلُ أَوْزَارِهِنَّ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُنْتَقَصَ مِنْ أَوْزَارِهِنَّ شَيْءٌ، ثُمَّ قَالَ لِلنِّسْوَةِ الَّتِي عِنْدَ امْرَأَتِهِ: هَلْ أَنْتُنَّ مُخْرَجَاتٌ عَنِّي، مُخْلِيَاتٌ بَيْنِي وَبَيْنَ امْرَأَتِي؟ قُلْنَ: نَعَمْ، فَخَرَجْنَ، فَذَهَبَ إِلَى الْبَابِ حَتَّى أَجَافَهُ وَأَرْخَى السِّتْرَ، ثُمَّ جَاءَ حَتَّى جَلَسَ عِنْدَ امْرَأَتِهِ فَمَسَحَ بِنَاصِيَتِهَا وَدَعَا بِالْبَرَكَةِ، فَقَالَ لَهَا: هَلْ أَنْتِ مُطِيعَتِي فِي شَيْءٍ آمُرُكِ بِهِ؟ قَالَتْ: جَلَسْتَ مَجْلِسَ مَنْ يُطَاعُ، قَالَ: فَإِنَّ خَلِيلِي ﷺ أَوْصَانِي إِذَا اجْتَمَعْتُ إِلَى أَهْلِي أَنْ أَجْتَمِعَ عَلَى طَاعَةِ اللهِ ﷿، فَقَامَ وَقَامَتْ إِلَى الْمَسْجِدِ فَصَلَّيَا مَا بَدَا لَهُمَا، ثُمَّ خَرَجَا فَقَضَى مِنْهَا مَا يَقْضِي الرَّجُلُ مِنِ امْرَأَتِهِ، فَلَمَّا أَصْبَحَ غَدَا عَلَيْهِ أَصْحَابُهُ فَقَالُوا: كَيْفَ وَجَدْتَ أَهْلَكَ؟ فَأَعْرَضَ عَنْهُمْ، ثُمَّ أَعَادُوا فَأَعْرَضَ عَنْهُمْ، ثُمَّ أَعَادُوا فَأَعْرَضَ عَنْهُمْ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّمَا جَعَلَ اللهُ تَعَالَى السُّتُورَ وَالْخُدُورَ وَالْأَبْوَابَ لِتُوَارِيَ مَا فِيهَا، حَسْبُ امْرِئٍ مِنْكُمْ أَنْ يَسْأَلَ عَمَّا ظَهَرَ لَهُ، فَأَمَّا مَا غَابَ عَنْهُ فَلَا يَسْأَلَنَّ عَنْ ذَلِكَ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَقُولُ: «الْمُتَحَدِّثُ عَنْ ذَلِكَ كَالْحِمَارَيْنِ يَتَسَافَدَانِ فِي الطَّرِيقِ»

1 / 185