Hilyat al-awliyaʾ wa tabaqat al-asfiyaʾ

Abu Nu'aym al-Isfahani d. 430 AH
117

Hilyat al-awliyaʾ wa tabaqat al-asfiyaʾ

حلية الأولياء و طبقات الأصفياء

Publisher

مطبعة السعادة

Publisher Location

بجوار محافظة مصر

قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي ابْنُ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، حَدَّثَنِي أَبِي الَّذِي أَرْضَعَنِي، وَكَانَ فِي تِلْكَ الْغَزَاةِ قَالَ: " لَمَّا قُتِلَ زَيْدٌ وَجَعْفَرٌ، أَخَذَ ابْنُ رَوَاحَةَ الرَّايَةَ ثُمَّ تَقَدَّمَ بِهَا وَهُوَ عَلَى فَرَسِهِ، فَجَعَلَ يَسْتَنْزِلُ نَفْسَهُ وَيَرَدَّدُ بَعْضَ التَّرَدُّدِ، ثُمَّ قَالَ: " [البحر الرجز] أَقْسَمْتُ يَا نَفْسُ لَتَنْزِلِنَّهْ ... لَتَنْزِلِنَّهْ أَوْ لَتُكْرَهِنَّهْ إِذَا جَلَبَ النَّاسُ وَشَدُّوا الرَّنَّهْ ... مَالِي أَرَاكِ تَكْرَهِينَ الْجَنَّهْ لَطَالَمَا قَدْ كُنْتِ مُطْمَئِنَّهْ ... هَلْ أَنْتِ إِلَّا نُطْفَةٌ فِي شَنَّهْ وَقَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ رَوَاحَةَ أَيْضًا: يَا نَفْسُ إِلَّا تُقْتَلِي تَمُوتِي ... هَذَا حِمَامُ الْمَوْتِ قَدْ صَلَيْتِ وَمَا تَمَنَّيْتِ فَقَدْ أُعْطِيتِ ... إِنْ تَفْعَلِي فِعْلَهُمَا هُدِيتِ - يَعْنِي صَاحِبَيْهِ زَيْدًا وَجَعْفَرًا - ثُمَّ نَزَلَ، فَلَمَّا نَزَلَ أَتَاهُ ابْنُ عَمِّي بِعَظْمٍ مِنْ لَحْمٍ فَقَالَ: شِدَّ بِهَذَا صُلْبَكَ، فَإِنَّكَ قَدْ لَاقَيْتَ مِنْ أَيَّامِكَ هَذِهِ مَا قَدْ لَقِيتَ، فَأَخَذَهُ مِنْ يَدِهِ ثُمَّ انْتَهَشَ مِنْهُ نَهْشَةً ثُمَّ سَمِعَ الْحُطَمَةَ فِي نَاحِيَةِ النَّاسِ فَقَالَ: وَأَنْتَ فِي الدُّنْيَا، ثُمَّ أَلْقَاهُ مِنْ يَدِهِ، ثُمَّ أَخَذَ سَيْفَهُ فَتَقَدَّمَ فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ، قَالَ: وَلَمَّا أُصِيبَ الْقَوْمُ قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ فِيمَا بَلَغَنِي: «أَخَذَ زَيْدٌ الرَّايَةَ فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ شَهِيدًا، ثُمَّ أَخَذَهَا جَعْفَرٌ فَقَاتَلَ بِهَا حَتَّى قُتِلَ شَهِيدًا»، ثُمَّ صَمَتَ رَسُولُ اللهِ ﷺ حَتَّى تَغَيَّرَتْ وُجُوهُ الْأَنْصَارِ، وَظَنُّوا أَنَّهُ قَدْ كَانَ فِي عَبْدِ اللهِ بَعْضُ مَا يَكْرَهُوَنَ، ثُمَّ قَالَ: «ثُمَّ أَخَذَهَا عَبْدُ اللهِ بْنُ رَوَاحَةَ فَقَاتَلَ بِهَا حَتَّى قُتِلَ شَهِيدًا»، ثُمَّ قَالَ: " لَقَدْ رُفِعُوا لِي فِي الْجَنَّةِ فِيمَا يَرَى النَّائِمُ عَلَى سُرَرٍ مِنْ ذَهَبٍ، فَرَأَيْتُ فِي سَرِيرِ عَبْدِ اللهِ ازْوِرَارًا عَنْ سَرِيرِيْ صَاحِبَيْهِ، فَقُلْتُ: عَمَّ هَذَا؟ فَقِيلَ لِي: مَضَيَا وَتَرَدَّدَ عَبْدُ اللهِ بْنُ رَوَاحَةَ بَعْضَ التَّرَدُّدِ "
حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، ثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنِ ابْنِ جُدْعَانَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: " مُثِّلُوا لِي فِي الْجَنَّةِ فِي خَيْمَةٍ مِنْ دُرَّةٍ، كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عَلَى سَرِيرٍ فَرَأَيْتُ زَيْدًا، وَابْنَ ⦗١٢١⦘ رَوَاحَةَ فِي أَعْنَاقِهِمَا صُدُودٌ، وَأَمَّا جَعْفَرٌ فَهُوَ مُسْتَقِيمٌ لَيْسَ فِيهِ صُدُودٌ، قَالَ: فَسَأَلْتُ، أَوْ قَالَ: قِيلَ لِي: إِنَّهُمَا حِينَ غَشِيَهُمَا الْمَوْتُ كَأَنَّهُمَا أَعْرَضَا، أَوْ كَأَنَّهُمَا صَدَّا بُوجُوهِهِمَا، وَأَمَّا جَعْفَرٌ فَإِنَّهُ لَمْ يَفْعَلْ " قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: فَذَلِكَ حِينَ يَقُولُ ابْنُ رَوَاحَةَ: [البحر الرجز] أَقْسَمْتُ يَا نَفْسُ لَتَنْزِلِنَّهْ ... بِطَاعَةٍ مِنْكِ أَوْ لَتُكْرَهِنَّهْ فَطَالَمَا قَدْ كُنْتِ مُطْمَئِنَّهْ ... جَعْفَرُ مَا أَطْيَبَ رِيحَ الْجَنَّهْ

1 / 120