Hikmat Gharb
حكمة الغرب (الجزء الأول): عرض تاريخي للفلسفة الغربية في إطارها الاجتماعي والسياسي
Genres
في فرنسا، تعبيرا ساعد على نشر وعي أعظم بحقيقة الوضع.
لقد رأى المصلحون في ذلك العصر أن من أهم أنواع العلاج التي تشفي كل الأمراض الاجتماعية، توفير قدر كاف من التعليم، ولكنهم ربما لم يكونوا في ذلك على صواب تام. ذلك لأن الاكتفاء بتعليم كل شخص القراءة والكتابة والحساب لا يؤدي في ذاته إلى القضاء على المشكلات الاجتماعية. كما أنه ليس من الصحيح أن هذه القدرات - التي هي في ذاتها مفيدة بلا شك - لا غناء عنها من أجل سير المجتمع الصناعي في الطريق السليم. فهناك قدر كبير من الأعمال الروتينية المتخصصة يمكن أن يقوم بها، من حيث المبدأ، أميون. غير أن التعليم يمكن أن يساعد بصورة غير مباشرة على حل مشكلات معينة، ما دام يؤدي أحيانا إلى مساعدة أولئك الذين يتعين عليهم تحمل المصاعب، على تحسين مصيرهم. وفي الوقت ذاته فمن الواضح أن الاقتصار على تقديم الدراسات التعليمية لا يؤدي إلى هذه النتائج بالضرورة، بل إنه قد يؤدي بالناس إلى الاعتقاد بأن النظام القائم للأشياء هو على ما ينبغي أن يكون عليه. وكثيرا ما يكون تشكيل العقول على هذا النحو فعالا إلى حد بعيد. ومع هذا كله فقد كان أنصار الإصلاح على حق عندما ذهبوا إلى أن هناك مشكلات معينة لا يمكن حلها إلا إذا ساد فهم معقول للموضوعات التي تتعلق بها هذه المشكلات، وهذا الفهم يحتاج بالفعل إلى قدر معين من التعليم.
ولقد امتد تقسيم العمل، الذي دعا إليه آدم سميث في ميدان إنتاج السلع، إلى ميادين النشاط العقلي بنفس القدر تقريبا. ذلك لأن البحث العلمي خلال القرن التاسع عشر، قد أصبح مصنعا، إن جاز هذا التعبير.
لقد اشتق مذهب المنفعة من نظرية أخلاقية ترجع، بوجه خاص، إلى هتشسون
Hutcheson ، الذي كان قد عرضها عام 1725م. وترى النظرية باختصار، أن الخير هو اللذة والشر هو الألم، ومن هنا فإن أفضل حالة يمكن بلوغها هي تلك التي يبلغ فيها تفوق اللذة على الألم أقصى مداه. وقد أخذ بنتام
Bentham
بهذا الرأي، وأصبح يعرف باسم مذهب المنفعة
Utilitarianism . كان جريمي بنتام (1748-1832م) معنيا قبل كل شيء بالتشريع، حيث استمد أفكاره الأساسية من هلفسيوس
Helvetius
وبيكاريا
Unknown page