فقلت: ولكن توجد وسيلة ولا شك للتثبت من وجوده ومن رؤيته؟ - لن يتأتى ذلك بالطرق المشروعة فيما أعتقد، وإني كما تعلم لا أحيد عن القانون أبدا.
فضحك أبي وقال: اعترف أنه توجد خدمة واحدة على الأقل لا تستطيع أن تؤديها يا شيخ عمر.
فجاراه في ضحكه قائلا: ليكن، ولكن ما جدوى رؤية الشيخ الأكبر؟ ألم تكن رغبة مضحكة؟!
فسألته بحرارة: لم يغلقون في وجوهنا الأبواب؟ - التكية شيدت في الأصل في خلاء؛ لأنهم قوم ينشدون العزلة والبعد عن الدنيا والناس، ولكن بمرور الزمن امتد العمران إليهم، وأحاط بهم الأحياء والأموات فأغلقوا الأبواب كوسيلة أخيرة لتحقيق العزلة.
وابتسم ابتسامة فاترة وقال: لقد مددتك بكافة المعلومات الممكنة، وهي وإن تكن غير مجدية في تحقيق رغبتك، إلا أنها قاطعة في أنه لا يمكن تحقيق الرغبة إلا بوسيلة غير مشروعة خارقة للقانون. •••
تلك ذكرى لا تنسى.
وحتى اليوم لم أجد الشجاعة الكافية لمخالفة القانون، ولكنني في الوقت نفسه لا أستطيع تصور تكية بلا شيخ أكبر.
وبمضي الأيام لم أعد أرى التكية إلا في موسم زيارة المقابر، فألقي عليها نظرة باسمة، وأستقبل ذكرى أو أكثر، وأحاول أن أتذكر صورة الشيخ أو من توهمت ذات مرة أنه الشيخ، ثم أمضي نحو الممر الضيق الموصل إلى القرافة.
Unknown page