وحقيقة الإيمان به أبدا، والصواب والحمد لله فيها والهدى، أنه خلاف ما أدركته العقول أو خطر بالبال في الكرم والعظمة والكبرياء والجلال، حقيقة اليقين في المعرفة أنه لا يدرك بحيطة ولا تحديد، ولا تمثيل ولا صفة، وكيف يوصف من لا تدركه العقول، ولا الفكر ولا الحواس، ومن تعالى وجل عن شبه أهل السماء من الملائكة، وتقدس وعلا عن أن يشبه الأنوار ذات البهاء المضيئة، وحاش لله أن يشبه أو يماثل الإنسان الذي هو من الصور الأرضية، بل هو سبحانه الواحد الحق في الوحدانية، والذي لا تدركه الأبصار، ولا يوصف بحدود ولا أقطار، ولا تقاس عظمته وجلاله وقدرته بشبه ولا مقدار، أعظم من كل شيء عظمته عظما، وأكرم من تدركه الأوهام أو تناله الفكر كرما، كل كبير معه صغير، وكل معظم عند ذكره حقير.
فإلهكم يابني وربكم فسبحوا واذكروا وحبه والوله إليه فاستشعروا، ونعمه عليكم فافهموها وإن لم تحصوها واشكروا، وشكركم له وحمدكم فإنما هو بالطاعة والعمل الصالح، لا بالإقرار واللسان، بل بالركوع والسجود والتسليم لأمره والخضوع، والفكرة فيما أبدى من حججه وآياته، وما أراكم من برهان ربوبيته في أرضه وسماواته، فاسمعوا لإلهكم العظيم، وبارئكم الكريم وأطيعوه، واخشوا من خالقكم الرؤوف الرحيم بكم واخضعوا، واحمدوه بألسنتكم وسبحوه، واسجدوا له واركعوا، فإنما حمده وشكره عبادته وطاعته، وذكره واتباع ما يحب ويرضيه، واجتناب كلما نهى عنه من سخطه ومعاصيه، ومولاة أوليائه ومحبة أحبائه من رسله، وأنبيائه، ومعاداة أعدائه والإيمان به وبملائكته والتصديق برسله وكتبه.
Page 103