41

Hidayat Hayara

هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى

Investigator

محمد أحمد الحاج

Publisher

دار القلم- دار الشامية

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤١٦هـ - ١٩٩٦م

Publisher Location

جدة - السعودية

لَا اضْطِرَارًا، وَأَكْثَرُهُمْ أُولُو الْعُقُولِ وَالْأَحْلَامِ وَالْعُلُومِ مِمَّنْ لَا يُحْصِيهِمْ إِلَّا اللَّهُ. فَرُقْعَةُ الْإِسْلَامِ إِنَّمَا انْتَشَرَتْ فِي الشَّرْقِ وَالْغَرْبِ بِإِسْلَامِ أَكْثَرِ الطَّوَائِفِ، فَدَخَلُوا دِينَ اللَّهِ أَفْوَاجًا، حَتَّى صَارَ الْكُفْرُ مَعَهُمْ تَحْتَ الذِّلَّةِ وَالصَّغَارِ. وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ الَّذِينَ أَسْلَمُوا مِنَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسِ وَالصَّابِئِينَ أَكْثَرُ مِنَ الَّذِينَ لَمْ يُسْلِمُوا، وَأَنَّهُ إِنَّمَا بَقِيَ مِنْهُمْ أَقَلُّ الْقَلِيلِ، وَقَدْ دَخَلَ فِي الْإِسْلَامِ مِنْ مُلُوكِ الطَّوَائِفِ وَرُؤَسَائِهِمْ فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ خَلْقٌ كَثِيرٌ. وَهَذَا مَلِكُ النَّصَارَى عَلَى إِقْلِيمِ الْحَبَشَةِ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ ﷺ لَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ آمَنَ بِهِ، وَدَخَلَ فِي دِينِهِ، وَآوَى أَصْحَابَهُ، وَمَنَعَهُمْ مِنْ أَعْدَائِهِمْ، وَقِصَّتُهُ أَشْهَرُ مِنْ أَنْ تُذْكَرَ، وَلَمَّا مَاتَ أَعْلَمَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَصْحَابَهُ بِالسَّاعَةِ الَّتِي مَاتَ فِيهَا، وَبَيْنَهُمَا مَسِيرَةُ شَهْرٍ، ثُمَّ خَرَجَ بِهِمْ إِلَى الْمُصَلَّى وَصَلَّى عَلَيْهِ. فَرَوَى الزُّهْرِيُّ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ الْمَخْزُومِيِّ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَتْ: لَمَّا نَزَلْنَا أَرْضَ الْحَبَشَةِ جَاوَرْنَا بِهَا خَيْرَ جَارٍ: النَّجَاشِيَّ، أَمِنَّا عَلَى دِينِنَا، وَعَبَدْنَا اللَّهَ لَا نُؤْذَى وَلَا نَسْمَعُ شَيْئًا نَكْرَهُهُ، فَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ قُرَيْشًا ائْتَمَرُوا عَلَى أَنْ يَبْعَثُوا إِلَى النَّجَاشِيِّ هَدَايَا مِمَّا يُسْتَظْرَفُ، وَمِنْ مَتَاعِ مَكَّةَ، وَكَانَ مِنْ أَعْجَبِ مَا يَأْتِيهِ مِنْهَا الْأَدَمُ فَجَمَعُوا لَهُ أَدَمًا كَثِيرًا، وَلَمْ يَتْرُكُوا مِنْ بَطَارِقَتِهِ بِطْرِيقًا إِلَّا أَهْدَوْا

1 / 257