Al-Hidāya ʿalā madhhab al-Imām Abī ʿAbd Allāh Aḥmad b. Muḥammad b. Ḥanbal al-Shaybānī
الهداية على مذهب الإمام أبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني
Editor
عبد اللطيف هميم - ماهر ياسين الفحل
Publisher
مؤسسة غراس للنشر والتوزيع
Edition Number
الأولى
Publication Year
١٤٢٥ هـ / ٢٠٠٤ م
Genres
كِتَابُ العِتْقِ
العِتْقُ مِنْ أَحَبِّ القُرُبَاتِ إِلَى اللهِ تَعَالَى، والمُسْتَحَبُّ عِتْقُ مَنْ لَهُ قُوَّةٌ وكَسْبٌ، فَأَمَّا مَنْ لاَ كَسْبَ لَهُ، كَالشَّيْخِ الهَرِمِ والصَّغِيْرِ والمَرِيْضِ، فَنُقِلَ عَنْهُ: أنَّهُ لاَ يُسْتَحَبُّ عِتْقُهُ (١).
ولاَ يَصِحُّ العِتْقُ إِلاَّ مِمَّنْ يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ في مَالِهِ، ولَهُ صَرِيْحٌ وكِنَايَةٌ، فَصَرِيْحُهُ: لَفْظُ العِتْقِ والحُرِّيَّةِ كَيْفَ تَصَرَّفَا. وكِنَايَتُهُ: قَدْ خَلَّيْتُكَ، واذْهَبْ حَيْثُ شِئْتَ، والحَقْ بِأَهْلِكَ، ونَحْوِ ذَلِكَ. واخْتَلَفَتِ الرِّوَايَةُ في قَوْلِهِ: لاَ سَبِيْلَ لِي عَلَيْكَ، ولا سُلْطَانَ لِي عَلَيْكَ، ولا مِلْكَ لِي عَلَيْكَ، ولاَ رِقَّ لِي عَلَيْكَ، ومَلَكْتَ رَقَبَتَكَ، وأَنْتَ مَوْلاَيَ، وأَنْتَ للهِ، وأَنْتِ سَائِبَةٌ، فَعَنهُ: أنَّهُ صَرِيْحٌ (٢)، وَعَنْهُ: أنَّهُ كِنَايَةٌ (٣) وَهُوَ الصَّحِيْحُ.
واخْتَلَفَتِ الرِّوَايَةُ في قَوْلِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ، وأَنْتِ حَرَامٌ هَلْ هُوَ كِنَايَةٌ؟ فَعَنْهُ: أنَّهُ كِنَايَةٌ فِي العِتْقِ (٤)، وَعَنْهُ: أنَّهُ لَيْسَ بِكِنَايَةٍ، ولاَ يَقَعُ بِهِ عِتْقٌ وإِنْ نَوَاهُ (٥)، وإِذَا قَالَ لِعَبْدِهِ - وَهُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ -: أَنْتَ ابْنِي، فَلاَ رِوَايَةَ فِيْهَا؛ إِلاَّ أَنَّ شَيْخَنَا قَالَ: لاَ يُعْتَقُ، ويُحْتَمَلُ أَنْ يُعْتَقَ (٦).
ويَصِحُّ تَعْلِيْقُ العِتْقِ عَلَى الصِّفَاتِ، والأَخْطَارِ كَمَجِيءِ الأَمْطَارِ، وهُبُوبِ الرِّيَاحِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنَ الصِّفَاتِ، وإِذَا عُلِّقَ العِتْقُ بِصَفَةٍ لَمْ يَكُنِ الرُّجُوعُ فِيْهِ بالقَوْلِ، ويَمْلِكُ إِبْطَالَهَا بالبَيْعِ والهِبَةِ، وغَيْرِ ذَلِكَ، فَإِنْ بَاعَ مَنْ عَلَّقَ عِتْقَهُ بِصِفَةٍ ثُمَّ اشْتَرَاهُ عَادَتِ الصِّفَةُ، فَإِنْ كَانَ قَدْ فَعَلَ الصِّفَةَ حَالَ البَيْعِ، ثُمَّ عَادَ إِلَى مِلْكِهِ فَهَلْ تَعُودُ الصِّفَةُ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ (٧)، فَإِنْ قَالَ: إِنْ دَخَلْتَ الدَّارَ فَأَنْتَ حُرٌّ، فَدَخَلَهَا بَعْدَ مَوْتِهِ عُتِقَ في إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ،
(١) ونقل عَنْهُ عدم كراهية عتقه.
انظر: المغني ١٢/ ٢٣٤، والمحرر ٢/ ٣، وكشاف القناع ٤/ ٥٦٥، والإنصاف ٧/ ٣٩٣.
(٢) نقل عَنْهُ أنَّهُ صريح أبو طَالِب.
انظر: الرِّوَايَتَيْنِ والوجهين ٢٢٢/ أ، والمغني ١٢/ ٢٣٥ - ٢٣٦، والمحرر ٢/ ٣.
(٣) نقل عَنْهُ أنَّهُ كناية: مهنّا. انظر: المصادر السابقة.
(٤) انظر: المغني ١٢/ ٢٣٦ - ٢٣٧، والمحرر ٢/ ٣، والإنصاف ٧/ ٣٩٨.
(٥) انظر: المصادر السابقة.
(٦) انظر: الإنصاف: ٧/ ٣٩٩.
(٧) الرِّوَايَة الأولى: أنها تعود بعوده، والثانية: لا تعود.
وروي عَنْهُ أنها لا تعود سواء وجدت حال زوال ملكه أم لا؟ حكى هَذِهِ الأخيرة تقي الدين. انظر: المقنع: ١٩٨، والشرح الكبير ١٢/ ٢٧١، والإنصاف ٧/ ٤١٤ - ٤١٥.
1 / 367